حتّى خطبه جماعة من ملوك الأطراف بسؤال علمائهم لهم في ذلك فاستنسخت لصاحب الغرب الأدنى نسخة ممّا كمل منه، وذلك بعناية الإمام المتقن زين الدِّين عبد الرّحمن البرشْكي بكسر الموحّدة والراء المهملة وسكون المعجمة، وكان ملك الغرب يومئذ عبد العزيز الحوصي المعروف بابن فارس، وكان الذي كمل من الكتاب المذكور حينئذ قدر ثلثيه، واستنسخت لصاحب المشرق نسخة بعد ذلك بعناية العلّامة الحافظ شيخ القراء شمس الدِّين الجزري، والملك يومئذ شاه رخ، وجهزت له من قبل الملك الأشرف، ولم يكن الكتاب كمل ثمّ في سلطته الملك الظّاهر جهز له نسخة كاملة، وكان سبب رغبتهم فيه اشتهار المقدِّمة فصار من يعرف فصولها يتشوق إلى الأصل.
وفي سنة اثنتين وعشرين أحضر إليَّ طالب علم كراسة بخط محتسب القاهرة الذي تولى بعد ذلك قضاء الحنفية في الدولة الأشرفية، فرأيت فيه ما نصه:
الحمد لله الذي أوضح وجوه معالم الدِّين، وأفضح وجوه الشك بكشف النقاب عن وجه اليقين، بالعلماء المستنبطين الراسخين، والفضلاء المحققين الشامخين، فاستمر في هذا المهيع يذكر من تصدى لجمع السنن النبوية، إلى أن ذكر البخاريّ وذكر فضل كتابه الصّحيح، وأنّه فإن غيره، ولذلك أقبل عليه كبار العلماء وعملوا عليه شروحًا إلى أن قال:
لكن لم يقع لي شرح يشفي العليل، ويروي الغليل، لأنّ منهم من طول فأمل، ومنهم من قصر فأخل، على أنّه لم يقصد واحد منهم على كثرتهم لشرحه لما هو المقصود، ثمّ ذكر أنّ الذي دعاه إلى شرح هذا الكتاب أمور:
أحدها: أن يعلم أنّ في الخبايا زوايا (?).