خفيت على كثير من المتكلمين على هذا الكتاب حتّى قال بعضهم: إنَّ إيراد هذا الحديث في هذه التّرجمة وهو خوف المؤمن أن يحبط عمله وهو لا يشعر سهو من بعض من نسخ الكتاب (?).
قال (ع): أخذ هذا الكلام من الكرماني وهو عجيب شديد يأخذ كلام النَّاس وينسبه إلى نفسه مدعيًا أن غيره قد خفي عليه ذلك على أن هذا الذي ذكره الكرماني في وجه المطابقة إنّما يقاد بالجر الثقيل على ما لا يخفى على من تأمله، فإذا أمعن الناظر فيه لا يجد لذكر هذا الحديث هنا مناسبة ولا تطابقًا للترجمة. انتهى (?).
وفيه مناقشات:
الأولى: دعواه أخذ الكلام من الكرماني ولا زيادة يوهم أخذ جميعه من غير تصرف فيه بنقص وليس كذلك ومن أراد بيان ذلك، فليتأمل ما ذكره الشارح هنا، وفيما ذكره الكرماني يظهر له التفاوت.
الثّانية: قوله: مدعيًا أن غيره قد خفي عليه ليس كذلك، وإنّما ذكر أنّه خفي على كثير فليس فيه دعوى خفاء ذلك على غيره بطريق التعميم فإن مفهومه أن القليل منهم لم يخف عليه فيدخل فيه الكرماني.
الثّالثة: دعواه نفي المناسبة والمطابقة بعد التأمل مكابرة، ويكفي في الرد عليه أنّه نافٍ، والسابق مثبت والمثبت مقدم على النافي، والذي لا ارتياب فيه أن المناسبة والمطابقة ظاهرة ولا سيما عند التأمل، وحاصله أن ارتكاب المؤمن ما نهي عنه قد يحبط عمله وهو لا يشعر لتهاونه كما في رفع الصوت بحضرة النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - لقوله تعالى في ذلك: {أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} وقد ظهر أثر ذلك من رفع صوت المتخاصمين بحضرته - صلّى الله عليه وسلم -