قال (ح): عبرت عن نفسها بأنّها قالت نحو ذلك، وعن صفية بلفظ مثل ذلك، والسر فيه أن عائشة المبتكرة لذلك فتصرفت في اللّفظ مع تأدية المعنى، وصفية مأمورة فلم تتصرف خشية أن ينكر عليها عدم الوقوف مع اللّفظ الذي أمرتها به، هذا هو الذي ظهر لي، ثمّ راجعت رواية أبي أسامة فوجدت فيها التعبير بمثل في الموضعين، فغلب على الظن أن التغيير من تصرف الرواة (?).
قال (ع): هذا الجواب لا يشفي العليل ولا يروي الغليل، وإذا علم الفرق بين النحو والمثل علمت النكتةُ فيه.
ثمّ ذكر المنقول في تعرف كلّ منهما ثمّ قال: لما كانت عائشة قاصدة بالقصد الكلي تبليغ هذه اللفظة وهي جَرَسَتْ نَحْلُهُ العرفطَ، قالت سودة نحو ذلك بخلاف صفية فإنها لم تقصد لذلك، ولكنها قالت للامتثال.
ثمّ ختم كلامة بأن قال: ولا ينبغي أن يظن في الرواة بالظن الفاسد، فأقل الأمر فيه أن يقال: هذا من التفنن، فإنّه فيه تحصل الرونق للكلام (?).
قلت: المراد بالتغيير إبدال اللّفظ باللفظ عند ظن اتحاد المعنى، وقوله الظن الفاسد من سوء الأدب الذي من دأبه أن يدندن بإنكاره، وليس هناك ظن فاسد، بل ظن غالب، لأنّه من المعلوم أن الّتي قالت نحو ذلك وهي الّتي ينسب إليها أنّها قالت مثل ذلك، لم تجمع بين اللفطتين، ويلزم من الاقتصار على أحدهما أن من عبر بغير عبارة رقيقة كان أحدهما مغيرًا للفظ الذي به حدثهما ونسب مرّة احتراق هذا المعترض بالحد لا يرد بالامتثال هذا الهذيان البارد والله المستعان.