فقال لهم: "أدعوكم إلى الله، وإلى الإسلام ... "1.
- وعندما واجه خالد بن الوليد "جرجة" أحد قادة الروم مبارزاً إياه يوم اليرموك، دعاه إلى الإسلام، وبدت له محاسنه، وأكد له:
"أن أجر من يدخل الدين، مثل السابقين، وأفضل".
فكان أن أسلم "جرجة" وقاتل قومه، واستشهد مع المسلمين يوم اليرموك2.
_ وتظهر الدعوة إلى الإسلام بوضوح في المفاوضات التي كانت تسبق المعارك الحاسمة كالقادسية واليرموك، وأجنادين، ونهاوند، وجلولاء، وبابليون ...
- ففي القادسية: ترددت الرسل بين سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، و"رستم" قائد الفرس. وكان "رستم" قد طلب من سعد أن يوجه إليه بعض أصحابه فأرسل إليه المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، فقصد سرير "رستم" وكان يجلس عليه، وهو من الذهب، وقد زيّن مجلسه بالفرش المنسوج بالذهب، ولبس على رأسه التاج وأقيمت الفيلة حول المكان- وأراد المغيرة أن يجلس على سريره معه، فمنعه الأساورة، وبعد مداولات قال المغيرة:
"إن الله بعث إلينا نبيه صلى الله عليه وسلم، فسعدنا بإجابته، واتباعه وأمرنا بجهاد من خالف ديننا، حتى يعطوا الجزية، ونحن ندعوك إلى عبادة الله وحده، والإيمان بنبيه صلى الله عليه وسلم، فإن فعلت، وإلا فالسيف بيننا وبينكم".
ولما قال "رستم":
"والشمس والقمر، لا يرتفع الضحى غداً حتى نقتلكم أجمعين"، قال المغيرة: "لا حول ولا قوة إلا بالله" وانصرف عنه3.
وكان "رستم" قد استمع إلى عدد من رسل المسلمين، وبينوا له أهداف الجهاد، فأعجب بالمسلمين، وبإجاباتهم السديدة حتى قال لأصحابه:
"انظروا فإن هؤلاء لا يخلو أمرهم من أن يكون صدقاً، أو كذباً، فإن كانوا كاذبين، فإن قوماً يحفظون أسرارهم هذا الحفظ، ولايختلفون في شيء، وقد تعاهدوا على كتمان سرهم هذا التعاقد، بحيث لا يظهر أحد منهم سرهم، لقوم في غاية الشدّة والقوة، وإن كانوا صادقين، فهؤلاء لا يقف حذاءهم أحد"4.