الفصل الثالث
ثورة غرناطة الكبرى (1568 - 1570 م)
لما أعلنت السلطات الإسبانية في 1/ 1 / 1567 م القانون الغاشم الذي استهدف ما تبقى من السِّمات الحضارية للأمة الأندلسية المسلمة، شرعت بملاحقة المسلمين لتنفيذه في كل أنحاء البلاد. فحاول الأندلسيون أولاً تخفيف ما أصابهم بالتفاوض. فرفعوا احتجاجاتهم إلى الرئيس ديسا، رئيس المجلس الملكي (كورتس) يطلبون منه إلغاء هذا القانون، أو على الأقل تأجيل تنفيذه. فتقدم باسمهم وفد يرأسه رئيس جماعتهم مولاي فرانسيسكو نونيز. لكن ديسا قابل الوفد بكل غطرسة وإهانة وإهمال. فأرسل المسلمون آنذاك وفدًا إلى الملك فليبي الثاني وإلى وزيره المفتش العام الكاردينال سبينوزا، العدو اللدود للمسلمين. ترأس الوفد خوان أنريكز، وهو رجل نصراني يعطف على المسلمين ويدافع عنهم. وتضمن الوفد مسلمين من أعيان الأندلسيين هما خوان فرناندس من غرناطة وفراندو الحبقي من وادي آش. اجتمع الوفد بأعضاء الكرتس وبالكاردينال أسبينوزا، دون فائدة، إذ أجاب الكاردينال أن الملك مصمم على تنفيذ القانون وأن العرائض يجب تقديمها لديسا على أي حال. وطلب ديسا من جهته من الكاردينال تنفيذ القانون بصرامة وقسوة بصفته المفتش العام.
وتقدم الماركيز دي مندوجر، حاكم غرناطة، بعريضة إلى الملك أوضح فيها خطورة الموقف لاعتراض المورسكيين على القانون واحتمال ثورتهم بسبب اليأس وطلبهم مساعدة أتراك الجزائر. فلم تأت عريضته بنتيجة، وأخذت السلطات الكنسية تنفذ الأحكام الجديدة في المواعيد المخصصة لها بكل شدة.