يظهر جليًّا أن تاريخ الإسلام في الأندلس منذ سقوط غرناطة إلى اليوم يتسم بظاهرتين أساسيتين: أولهما، ارتباط الشعب الأندلسي الوثيق بالعقيدة الإسلامية والتراث الإسلامي، وتشبثه بهما ما أمكن طوال خمسة قرون منذ سقوط غرناطة؛ ثانيهما، خذلان الأمة الإسلامية المتواصل لمجهودات الشعب الأندلسي في الحفاظ على هويته وشخصيته والدفاع عن إسلامه.
فبعد غدر الملكان الكاثوليكيان لكل المواثيق التي وقعوها إبان سقوط غرناطة لإضعاف المقاومة الأندلسية، تحول النضال الأندلسي طوال القرن السادس عشر، بعد الصدمة الأولى، إلى حرب عصابات دائمة ضد الوجود القشتالي، وصلت في أوجها إلى ثورة غرناطة الكبرى سنة 1569 م التي جند لها الشعب الأندلسي كل طاقاته.
كما اتسمت هذه الفترة بخذلان جميع دول الإسلام آنذاك لصيحات الشعب الأندلسي المتواصلة في محنته، فلم تستجب لهم لا الدولة السعدية بالمغرب ولا الدولة المملوكية بمصر ولا الدولة العثمانية بعدها، وكانت القوى الإسلامية الثلاثة في البحر الأبيض المتوسط. ووصل الخذلان أوجه إبان ثورة غرناطة الكبرى، حيث اتكل الأندلسيون على وعود الدولتين السعدية والعثمانية الكاذبة، فذاقوا بسببه أمرّ الشرور وأقساها.
وتفتّق فكر الدولة الإسبانية والكنيسة الكاثوليكية سنة 1609 م على طرد الطبقة المفكرة من الشعب الأندلسي، فطردت منهم حوالي 230 ألف شخص، تشتتوا على ضفاف البحر الأبيض المتوسط، خاصة بشمال إفريقيا. وإبان هذه المأساة ذاق