الفصل الثاني عشر
الشتات الأندلسي اليوم
كانت علاقة المغرب بالأندلس وثيقة، لدرجة كان البلدان يسميان بالعدوتين: عدوة الأندلس وعدوة المغرب، كما كوّن البلدان دولة واحدة أيام الدولتين المرابطية والموحدية. وكانت الطبقة المثقفة في البلدين تكاد تكون واحدة، إذ كان ينتقل كثير من الأفراد والعائلات المغربية إلى الأندلس، وينتقل أفراد وعائلات أندلسية إلى المغرب. بينما هاجر الأندلسيون في كل الحقب إلى مدن المغرب المختلفة، ظلت ثلاثة مدن، فاس والرباط وتطوان، تحتفظ اليوم بالتراث الأندلسي في أبنائها وثقافتها أكثر من غيرها من المدن والبوادي.
أما فاس فقد أسسها مولاي إدريس الأول من بلدتين، إحداهما لإيواء المهاجرين القرطبيين، من حي الربض الذي ثار على الخليفة الأموي، والثانية لإيواء مهاجري القيروان. وكانت المدينة الأولى تسمى بـ "الأندلس" والثانية بـ "القرويين"، وهما يحملان هذا الاسم إلى اليوم، وفي كل حي من الحيين مسجده الأعظم المسمى به.
وظلت فاس تستقطب نخبة المهاجرين الأندلسيين، قبل سقوط غرناطة وبعدها، مباشرة أو عن طريق مدن أخرى. وأصبحت للعائلات الأندلسية الفاسية الدور الهام والرائد في المجالات العلمية والمالية والسياسية والثقافية والحرفية. وتوجد اليوم بفاس مئات العائلات الأندلسية، منها من حافظ على اسمه العجمي، ومنها من تغير اسمه، ومنها من نسب إلى مدن الأندلس وقراه. ويبين الجدول التالي بعض أشهر هذه العائلات وتاريخ انتقالها إلى فاس، وموطنها بالأندلس، ونسبتها المعروفة بها هناك: