وتربط القارىء الأندلسي بأرضه، وتقوي محبته لها ورغبته في الدفاع عنها. أما الكتاب الثاني فلقد عبر إنفانتي فيه عن إيمانه بالله الواحد الخالق، الأول والآخر، وعن كراهيته لكل من يجعل نفسه وسيطًا بين الإنسان وخالقه، خاصة الكنيسة الكاثوليكية، إذ قال: "رائحة القداس تحطم شذا عطر الحقيقة"، وأن التنظيم الكنسي يتعارض مع مبدأ الإيمان. عبر بذلك إنفانتي في الكتاب عن مبادىء إسلامية في عمقها، ورثها عن أجداده عبر قرون الاضطهاد، كما ورثها أفراد أمته الأندلسية، فأصبحت عنصرًا مهمًّا من عناصر الهوية الأندلسية.
وكانت سنة 1921 م سنة أمل للقوميين الأندلسيين رغم الأوضاع السياسية المضطربة في مجريط. فانتشرت "المراكز الأندلسية" في المدن والقرى، وانتشر معها الفكر الأندلسي في المجالات الثقافية والاجتماعية، بينما ضعفت الحركة السياسية.
وتحمس إنفانتي في هذه الحقبة إلى عدة مشاريع: "مجلس الشيوخ البيتيقي" كهيئة لوحدة الأندلس الثقافية والاجتماعية؛ و"أكاديمية قومية" حقيقية في الأندلس للآداب والعلوم والفنون؛ ونفق يربط المغرب بالأندلس عبر مضيق جبل طارق. ثم فكر إنفانتي في إنشاء مركز نشر عربي إسباني، ومركز نشر جهوي إسباني أمريكي، ومركز أندلسي سينمائي. وبصفة عامة، فكر إنفانتي في إنشاء روابط ثقافية قوية تربط الأندلسيين بعضهم البعض، وبالمغرب ذي الثقافة الإسلامية، وبأمريكا الجنوبية ذات الثقافة الأندلسية.
وفي سنة 1923 م، سافر إنفانتي وزوجه إلى بيت أخيه في مجريط حيث كان والده مريضًا، فتوفي أثر مرضه. ألحت العائلة على بلاس بالبقاء في مجريط خوفًا عليه من الرجوع إلى إشبيلية، وقد ساءت الأحوال السياسية فيها، وأصبحت الدكتاتورية وشيكة. وكانت زوجة بلاس إنفانتي قد ضاقت من نشاطه السياسي، وأرادت أن يهتم أكثر بعائلته. وافق إنفانتي على الانتقال من إشبيلية بعد أن سيطر على الحكم الديكتاتوري الجنرال بريمو دي ريبيرا (الذي كان أندلسيًّا) في 13/ 9 / 1923 م، لكنه أصر على البقاء في الأندلس. فنقل عمله كموثق عدل، في أواخر سنة 1923 م، من قطنيانة (مقاطعة إشبيلية) إلى إيسلا كريستينا (مقاطعة ولبة)، قرب حدود البرتغال.
قضت الدكتاتورية على الحريات بما فيها حرية التعبير، وأقفلت "المراكز
الأندلسية"، واتهمت القوميين الأندلسيين بمقاومة الدولة، وأسكتت القوى المعادية