الثالثة، وبين المتطرفين النصارى الذين بايعوا دون كارلوس. وقامت ما تسمى الحرب "الكارلية" الأولى التي دامت إلى سنة 1840 م، وشملت ولايات الشمال والشرق كنبارة وقطلونية وبلنسية. ولم تؤثر الحرب الكارلية على الأندلس التي أصبحت مركز عداوة للكنيسة وامتيازاتها.
وفي سنة 1835 م، أدى انتشار الوباء إلى ثورة في مجريط عمت بعد ذلك أنحاء إسبانيا، في سرقسطة وبرشلونة والأندلس. وركز الثوار غضبهم على الكنيسة وسلطتها، فحرقوا الأديرة والكنائس، وكونوا لجانًا ثورية في أنحاء إسبانيا تطالب بالعودة إلى دستور قادس. فأدت الثورة إلى إحلال تورينو مكان مارتينز دي لاروزا في رئاسة الحكومة، ثم خلفه منديزابال الذي لاحق الكنيسة وصادر ممتلكاتها. وفي سنة 1836 م، أجبرت مارية كريستينا على قبول دستور قادس، ثم رجعت في قرارها سنة 1837 م، وعادت إلى السلطة المطلقة سنة 1839 م.
وفي سنة 1840 م، أزاح مارية كريستينا وزيرها اسبرتيرو، وحل محلها كوصي على الملكة إيسابيلا الثانية. ولكن اسبرتيرو نشر الرعب في البلاد، فأعدم عدة جنرالات، وضرب برشلونة بالقنابل عندما تظاهر أهلها، ثم ضرب إشبيلية، وفي سنة 1843 م، اضطر إلى ترك السلطة والفرار إلى لندن.
وفي سنة 1843 م، رشدت إيسابيلا الثانية. فمالت إلى المعتدلين ضد التقدميين. فأسس وزيرها كونزلز برابو الحرس المدني سنة 1843 م، وفي سنة 1845 م كتب ناربايز دستورًا جديدًا أعطى فيه اختصاصات مطلقة للسلطة التنفيذية. وفي سنة 1847 م، اشتعلت الحرب الكارلية من جديد. وفي سنة 1848 م، قضى الوزير ناربايز على ثورة في البلاد بمجزرة دامية. ثم وقع نزاع بين الزعماء الإسبان حول تزويج الملكة، فوقع اختيار الأطراف المختلفة على
شخص غير معروف زوجًا لها. وفي سنة 1851 م، خلف سارتوريوس الوزير ناربايز، لكنه أبعد بدوره نتيجة سلسلة من الفضائح المالية والفساد، وحل محله شخصان يمثلان التقدميين والمعتدلين. وفي سنة 1856 م، أعادت الملكة إلى الوزارة ناربايز الذي يمثل المعتدلين، بعد اضطرابات حدثت في الأندلس. وفي سنة 1859 م، خرج الجيش الإسباني من سبتة واحتل تطوان. ولم يخرج منها إلا بعد شروط مجحفة للمغرب، أدت إلى انهيار اقتصاده واتساع رقعة الاحتلال حول مدينتي سبتة ومليلة.