وعندما تعدت تجاوزات الأهالي النصارى في مملكة بلنسية الحد المحتمل، ووصل الراجعون بأخبار سوء معاملة النصارى للمورسكيين فوق السفن، وسوء معاملة الأعراب لهم في بر شمال إفريقيا، أدى اليأس بجماعات من المورسكيين إلى ثورة انتحارية في القرى الجبلية، ككورتش وكوفرانش وآيورة، وغيرها من القرى جنوب نهر شقر وعلى حدود قشتالة. فاجتمع عدد كبير منهم في مشارف كورتش القاحلة جنوب نهر شقر، وبايعوا شيخًا مسنًّا من زعماء بلدة تريزة ملكًا عليهم. فرفض البيعة لما رأى من استحالة المهمة المنوطة إليه. ثم بايع الثوار مسلمًا آخر من وجهاء بلدة كتادو اسمه الطريقي. فقبل البيعة، وعين فقيهًا من فقهاء المورسكيين نائبًا عنه، فاجتمع حولهما عدة آلاف من المجاهدين المسلحين، وتحصنوا في الجبال. فأرسل ملك إسبانيا لملاحقتهم جيشًا من الجنود الإيطاليين. وبعد مقاومة عنيفة، قتل فيها العديد من الطرفين، أرغم الجوع والعطش المجاهدين في تلك الجبال الجرداء على الاستسلام، فاستسلم منهم 3.000 مجاهد، طردوا من البلاد، وبقي الطريقي يقاوم مع بعض مئات من المجاهدين إلى أن قبض عليه، وأعدم بعد التعذيب.

وقام المورسكيون بثورة أخرى في منطقة لقنت، حيث ترك حوالي عشرون ألفًا منهم قراهم بعد أن أحرقوا بعضها، وهجموا على قرى النصارى المجاورة وتزودوا منها وقتلوا عددًا منهم، ثم التجأوا إلى الجبال المجاورة. فهجم عليهم الجيش الإسباني، مصحوبًا بعدد كبير من رعاع النصارى الطامعين في أموالهم وأبنائهم، فأثخنوا فيهم قتلاً بينما قضى العطش على عدد آخر منهم. وبعد سحق الثورة، وزع النصارى بينهم أطفال المسلمين لبيعهم عبيدًا، وساقوا إلى السفن عراة من نجا منهم من الموت بعد أن أخذوا أطفالهم ونساءهم، وسلبوهم كل شيء حتى ملابسهم التي يرتدونها.

وفي مايو سنة 1611 م، أصدر ماركيز كورسينا قرارًا إجراميًّا للقضاء على

المتخلفين من المورسكيين، قال فيه: "نهب لكل من يخرج في متابعة هؤلاء المسلمين: ستين ليرة ثمن كل مورسكي يُؤتى به حيًّا، وثلاثين ليرة ثمن رأس كل مورسكي يقتل. ولمن يأتي بمورسكي حيًّا الحق في الاحتفاظ به كعبد من عبيده، هبة منا إليه". وبهذا بقي عدد هام من المورسكيين البلنسيين عبيدًا في البلاد.

كم بقي من المورسكيين في مملكة بلنسية بعد الطرد؟ ذكرنا أنه نص قرار الطرد بإبقاء ست أسر لكل مائة ترحل، لكن هذا البند ألغي تحت ضغط ريبيرا الذي أراد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015