وقام بتلك المذبحة في يوم واحد من شهر رجب عام 986 هـ (شتنبر عام 1578 م)، فور الانتهاء من المعركة ومبايعته سلطانًا. ووصل الأمر بالمنصور سنة 1570 م إلى إفشاء سر تخطيط المورسكيين للثورة، فأخبر الدولة الإسبانية بذلك كبرهان لتحالفه معها ضد الأندلسيين وضد العثمانيين. واستعمل المنصور العاطفة الشعبية نحو مأساة الأندلس لتقوية سلطانه في المغرب. فبينما كان يتكلم جهرًا عن استعادة الأندلس، كان يتحالف سرًّا مع الإسبان ضد الأندلسيين، ويرمى عبر الصحراء الكبرى بجيوشه وآلاف الأندلسيين، على رأسهم الأندلسي جودر، لاحتلال مملكة إسلامية مسالمة في السودان، بينما يستغيث المورسكيون في الأندلس. وهكذا لم تكن الدولة السعدية على مستوى الدولة المرابطية والموحدية والمرينية في إنجاد الأندلس، ولا في الدفاع عن مصالح المغرب العليا.

كان المسلمون في مملكة أراغون القديمة يكونون أقرب تجمع إسلامي من فرنسا في إسبانيا، لا تفرقهم عنها وعن حركة الهوكونو البروتستانتية في ولاية بيارن بها سوى جبال البرت. وكان الملك فليبي الثاني، ملك إسبانيا، يخاف دائمًا من تحالف الهوكونو ومورسكيي أراغون القديمة. وفعلاً، منذ سنة 1570 م، أخذ هؤلاء يرسلون سفراءهم إلى بيارن للتفاوض في ربط تحالف مع البرتستانت ضد إسبانيا، وصرح موسيو دو روس، حاكم بيارن: "سنغزو قريبًا إسبانيا، وننتصر عليها، ونستعيد منها نبارة".

وفي سنة 1573 م توصلت الدولة الإسبانية بأخبار مفادها قرب وقوع هجوم على السواحل البلنسية من الجزائر مقترن بغزو لأراغون القديمة من طرف حاكم بيارن المذكور سابقًا. وفي سنة 1575 م، اقترح حاكم بيارن على مسلمي أراغون القديمة مساندته العسكرية إذا قاموا بثورة ضد إسبانيا، وطلب منهم عشرة إلى اثنى عشر ألف أسكودو مقابل مساعدته. وبعد تدارس العرض، وجد المورسكيون أن المال المطلوب فوق طاقتهم، فطلبوه من الدولة العثمانية، لكن دون جدوى. فأخبروا حاكم بيارن أن لديهم كميات كبيرة من السلاح المخبأ، وطلبوا منه قبولها عوضًا عن المال.

وقد ساند هوكونو بيارن مسلمي أراغون القديمة في حربهم الأهلية ضد النصارى الجبليين في الفترة بين سنة 1585 م و 1588 م. وفي سنتي 1592 م و 1593 م، انتشر الرعب في إسبانيا مرة أخرى عندما لجأ أنطونيو بيريز، أحد زعماء المورسكيين الأراغونيين، إلى فرنسا، وحصل على وعد بالمساندة من أمير بيارن (الذي أصبح فيما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015