المغرب، فانهزم هو وحلفاؤه في معركة وادي المخازن سنة 986 هـ (1578 م)، فأنقذ الله المغرب من مصير لا يختلف عن مصير الأندلس. وعمل بسبب ذلك أندلسيو المغرب على الإطاحة بمحمد المتوكل إلى أن نجحوا.
وساند الأندلسيون أبا مروان عبد الملك المعتصم (1576 م - 1578 م) إلى أن بويع سلطانًا على المغرب. وكان عبد الملك وأخوه أحمد (المنصور فيما بعد) قد أمضيا سنوات عديدة في الدولة العثمانية، وساهما في معاركها العسكرية وتأثرا بنظامها وترتيبها. فاتصل الأندلسيون العاملون في الجيش المغربي بعبد الملك وهو في الجزائر وشجعوه على دخول المغرب. وقد قال مؤرخ معاصر في هذا الصدد: "وكان معه (المتوكل) في الجيش ألف وثمانمائة من أهل الأندلس. وكان رؤساؤهم يكتبون لمولاي عبد الملك بالقدوم عليهم غير مرة لأنهم كانوا يكرهون مولاي عبد الله وولده مولاي محمد لخيانته لهم في الاتفاق معه على القيام على النصارى (ثورة غرناطة الكبرى) وخذله لهم بعده. فكانت عداوتهم له ومكرهم به في قلوبهم إلى أن يجدوا فرصتهم فيه أو في ولده".
وصل الوضع حينذاك بالجالية الأندلسية في المغرب إلى تمكنها من خلع سلطان والإتيان بآخر، فاجتمعت كلمتها على مساندة عبد الملك. وكان أبو الفضل الغري صلة الوصل بين عبد الملك وأندلسيي المغرب. وهو رجل هاجر من غرناطة قبيل ثورتها الكبرى إلى الجزائر، فكسب مكانة كبرى عند كبار الدولة العثمانية. فاقترب من المعتصم في الجزائر، فأرسله للاتصال سرًّا بأندلسيي المغرب وبأتباعه لمساندة دعوته.
فانتقل الغري في صورة تاجر إلى مراكش وفاس. كما هاجر إلى الجزائر بعد فشل ثورة غرناطة الكبرى، محمد زرقون، أحد قوادها، فاتصل بعبد الملك وجهز جيشًا من الأندلسيين لإدخاله إلى المغرب. ولما انتصر عبد الملك وجلس على عرش المغرب، عين زرقون رئيسًا أعلى لما يسمى بـ "فرقة النار" في الجيش المغربي.
وهاجر من غرناطة بعد فشل ثورتها الكبرى سعيد بن فرج الدغالي، إلى تطوان، ومنها إلى فاس حيث اتصل بالغالب وأصبح رئيس فرقة الأندلسيين بالجيش المغربي. فعند دخول عبد الملك إلى المغرب، انحاز سعيد بن فرج بفرقته إليه مما رجح كفة الصراع إليه. هكذا أصبح الأندلسيون ركنًا قويًّا من أركان الدولة المغربية وجيشها أيام المعتصم. وبنى الأندلسيون كذلك أسطولاً مغربيًّا، خاصة في العرائش وسلا، للجهاد في البحر ضد سفن الإسبان والبرتغاليين.