الكبرى وبعدها ما مجموعه 80.000 مسلم أندلسي شتتوا على جميع أنحاء مملكة قشتالة (عدا مملكة مرسية).
فهل هجر جميع مسلمي مملكة غرناطة بعد ثورتها العظمى سنة 1570 م كما تدعيه الكنيسة؟ سنجيب على هذا السؤال بتفصيل فيما بعد، ونكتفي هنا بتقديم شهادتين لمن قاموا بالتهجير أنفسهم: الأولى لبدرو لويز دي ميسا في رسالة كتبها للكاردينال دييغو دي اسبينوزا تكلم فيها عن الأندلسيين الذين رحلوا من البيازين في يونيو سنة 1569 م، إذ قال: " ... يصل رقم المهجرين بين المحجوزين والذين في السجون إلى حوالي 4.000 شخص عدا المُسِنِّين والأطفال. ولقد تغيب عدد كبير منهم (يعني المسلمين أهل البيازين) واختبأ الآخرون. لكننا سعداء لهذا العدد من المطرودين الذي توصلنا إليه، لأن إخراج 4.000 عدو من غرناطة، من بينهم ذوي المال والقيادة سيكون له أكبر الأثر، إذ سيتركون نساءهم وأطفالهم وأموالهم لنا كرهائن بعد خروجهم".
والشهادة الثانية أيضا لبدرو لويز دي ميسا في رسالة كتبها للكاردينال المذكور يصف فيها تهجير أهل بعض أحياء غرناطة في ديسمبر سنة 1569 م، حيث قال: "أمرني دون خوان النمساوي أن أحتجز كل المورسكيين الذين بقوا في هذه المدينة في أربع كنائس لإخراجهم من المملكة (يعني غرناطة). وقد احتجزنا 2.800 شخص؛ ومن هؤلاء أخرجنا أكثر من النصف؛ أما الباقون فلقد تركناهم لكونهم من المرضى والعجزة. وبقي كذلك 150 حرفيًّا بين خبازين وفرانين وحدادين وأصحاب مهن أخرى، وتركنا غير هؤلاء من التجار وشخصيات ذات أهمية ليصفوا أماكن عملهم وأملاكهم غير المنقولة فأمهلناهم خمسة عشر يومًا. وكلهم قاموا بالتخلص من أموالهم، وفي كل يوم يخرج البعض منهم ... ".
يدل هذا على أن الدولة الإسبانية كانت تعمل على القضاء على القوى الحية في المجتمع الغرناطي بتهجيرها وتشتيتها وليس على تفريغ مملكة غرناطة من سكانها المورسكيين. وسنقدر فيما بعد أعداد الأندلسيين التي بقيت في مملكة غرناطة بعد هذا التهجير.