أن يخرج النصارى الجدد (يعني المورسكيين) من هذه المملكة (يعني غرناطة) وينقلوا إلى قشتالة والولايات الأخرى حيث جاءت السنة غنية بالخيرات، ولم تفسد الحروب المحاصيل، وحيث يمكن للمهجرين بكل سهولة التغذية وتغطية حاجاتهم في هذه السنة، والتفكير في الوقت المناسب والطريقة المثلى في الرجوع إلى ديارهم الأصلية .... وكذلك يمكنهم حمل أموالهم المنقولة دون أن يؤخذ منها شيء البتة مع إغداقهم بكل الكلمات الطيبة التي يعرفونها".
لم يتفق الواقع بتاتًا مع هذا التخطيط الإنساني للمرحلة الثانية من التهجير. كان يقضي التخطيط بنقل جماعة من الغرناطيين إلى إشبيلية غربًا وأخرى إلى البسيط شمالاً. لكن سوء الأحوال الجوية على طريق البسيط أرغمت منظمي التهجير على تغيير المخطط الأول، كما تعذر نقل المهجرين عبر البحر إلى إشبيلية. وهكذا أجبر الجيش المهجرين على المشي على الأقدام تحت المطر والثلج والبرد لأسابيع متواصلة، رغم أن جلهم كان من الشيوخ والأطفال والنساء. وقد أدى ذلك بالمهجرين إلى متاعب مهلكة مما أثار شفقة جلاديهم أنفسهم، كما جاء في كتاب فرومينو دي فونتس من البسيط إلى الكاردينال دي سيكونزة، حيث قال: "إنه لمن المؤثر جدًّا أن نرى أن العدد الكبير من الأطفال الصغار والنساء، يعمهم الفقر والحرمان اللذان لا ينتهيان، مع سوء الأحوال الجوية وكثرة العدد ... حتى أصبح من الصعب إكمال كل ما يجب إكماله للاستجابة لكل الحاجات مهما كان المجهود ... ".
وانتهت المرحلة الثانية من التهجير بوصول 21.000 غرناطي إلى البسيط، و 12.000 إلى قرطبة، و 6.000 إلى طليطلة، و 5.500 إلى إشبيلية، أي ما مجموعه 44.500 غرناطي، وبهذا يكون قد مات حوالي عشر المهجرين من الإعياء والتعب.
وكان في نية الدولة الإسبانية تشتيت المهجرين من نقط تجمعهم الجديد، التشتيت الكامل في قرى ومدن قشتالة لتكسير عزيمتهم وإجبارهم على نسيان هويتهم وعقيدتهم ولاضمحلال عصبيتهم حتى يذوبوا في المجتمع النصراني المحيط بهم.
وابتدأت المرحلة الثالثة من التهجير وهي التشتيت، فأجبر الجيش 7.000 غرناطي ممن وصلوا إلى قرطبة على متابعة السير إلى منطقة بطليوس، و 7.500 ممن وصلوا إلى البسيط على السير إلى وادي الحجارة وطليطلة وطلبيرة، و 6.000 ممن وصلوا إلى طليطلة على السير إلى شقوبية وبلد الوليد وبالنسية وطلمنكة في الشمال.