بعين الرضى قيام دولة أندلسية شمال المغرب تحت النفوذ العثماني. وقد سبق له سنة 970 هـ (1563 م) أن أدخل بالقوة 14.000 مهاجر أندلسي في الجيش وأسكنهم حي رياض الزيتون بمراكش. فأصبح بذلك الغالب بالله مكروهًا لدى جميع الأندلسيين، إذ اعتبروا تجنيدهم بالقوة استرقاقًا لهم. ولما قامت الثورة الأندلسية، أرسل قائدها، ابن أمية، سفارة برئاسة فراندو الحبقي إلى السلطان السعدي.

وأشار إلى هذه السفارة المؤرخ الجنابي قائلاً: "وأرسل هؤلاء (يعني المجاهدين الأندلسيين) إلى الشريف مولاي عبد الله يستمدونه فلم يمدهم بسبب قلة الأغربة والمراكب عنده ولعلة أخرى".

وكان صاحب "تاريخ الدولة السعدية"، الكاتب الأندلسي المجهول، أكثر وضوحًا إذ قال عن المجاهدين الأندلسيين: "فصاروا يكتبون إلى ملوك المسلمين شرقًا وغربًا وهم يناشدونهم الله في الإغاثة، وأكثر كتبهم إلى مولاي عبد الله لأنه هو القريب إلى أرضهم، وكان قد قوي سلطانه وصحت أركانه وجندت أجناده وكثرت أعداده. فأمرهم غشًّا منه بأن يقوموا على النصارى ليثق بهم في قولهم بظهور فعلهم.

فلما قاموا على النصارى تراخى عمّا وعدهم به من الإغاثة، كذب عليهم غشًّا منه لهم ولدين الله عز وجل، من أجل مصلحة ملكه الزائل ... وكانت بينه وبين النصارى مكاتبات في ذلك ومراسلات وأنه استشار معهم، وأشار عليهم أن يخرجوا أهل الأندلس إلى ناحية المغرب. وقصده بذلك تعمير سواحله، ويكون له منهم بمدينتي فاس ومراكش جيش عظيم ينتفع به في مصالح ملكه. فلما قاموا على النصارى عن إذنه وانشغلوا معهم بالقتال، أرسلوا رؤساءهم وكبراءهم وذوي شأنهم إلى العدوة ليستغيثوا بالسلطان وبجماعة المسلمين في الإعانة، وتركوا أهل الأندلس كلهم متمنِّعين في جبال غرناطة وهم يقاتلون النصارى. فلما وصلوا إليه تراخى عنهم وطوّل عليهم مقامهم. فأتتهم المكاتبة من أهلهم بأنهم اطلعوا على مكاتبات بين السلطان وبين النصارى ومصادقة وتدبير على المسلمين. فصح عندهم ذلك، وظهر بالإمارات الدالة عليه من كثرة قعودهم ومرور الأيام عليهم بلا فائدة، فأمرهم أن يصطلحوا مع النصارى على أن يتركوهم يجوزوا لهذه العدوة".

هذا هو وضع المساندة التي كان يتوقعها الأندلسيون من إخوانهم، وبسببه غامروا بحياتهم ووجودهم. وفي أبريل سنة 1570 م، أصبح هذا الوضع واضحًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015