والمتطوعين القادمين من الجزائر. فطلب ابن أمية من قريبه وقائده محمد بن عبو (واسمه الإسباني دييغو لوبيز) ضم الأتراك إلى قوته والسير بهم إلى البنيول ولينتظر هناك أوامره. وكانت غاية ابن أمية تحرير ميناء مطريل دون أن يتسرب خبر اتجاه قوة المجاهدين، للحفاظ على المبادرة. فمر حامل الرسالة على أجيجر، فعلم الوزير منه مضمونها، فتآمر مع كاتب ابن أمية في تزوير رسالة أخرى، وأمر بقتل حامل الرسالة الأولى. فوصلت الرسالة المزورة إلى ابن عبو تأمره بتجريد المتطوعين من السلاح وإعدامهم. فاستنكر ابن عبو هذا الأمر، وآمن بالشائعات التي نشرها العدو حول ابن أمية بأنه يريد مهادنة الإسبان لتحرير والده وأخيه. واعتقد المتطوعون أن ابن أمية قد خان، فقرروا عزله وإعدامه دفاعًا عن الثورة.

وسار ابن عبو والمتطوعة الأتراك إلى مقر ابن أمية في لوشر، فقبضوا عليه وواجهوه بالتهم التي يتهمونه بها، وأطلعوه على الرسالة التي بيدهم. فتبرأ ابن أمية من التهم الموجهة ضده، وأكد لهم أن الرسالة مزورة ولم يأمر بكتابتها قط، وأنه ما خان أمته ولا دينه أبدًا. فلم يفده دفاعه عن نفسه، فسجنوه في غرفة، وكلفوا بحراسته دييكو الوزير، كبير المتآمرين عليه، ودييكو أركش، كاتبه. وفي ليل 20/ 10 / 1569 م، قتله هاذان الخائنان خنقًا.

وهكذا استشهد قائد ثورة الأندلس ضحية الدسائس والغدر، على يد أبناء أمته، تلك الأمة التي ضحى في سبيلها بالغالي والرخيص والتي بسببها شرد أهله وقتلت أمه وأخوته وزوجته وسجن أبوه وأخوه وما وهن ولا استكان، وأجره عند الله. وكان قتله، والمبادرة في يد المجاهدين، انتكاسة كبيرة للثورة.

واقترح قواد الثورة بعد اغتيال ابن أمية، بيعة أحد قائدي المتطوعين، حسين أو أخيه. فرفضا واقترحا مبايعة ابن عبو شرط أن يوافق أمير أمراء الجزائر على ذلك. فوصلت موافقة هذا الأخير مع بعض التعزيزات العسكرية بعد ثلاثة شهور.

فنصب ابن عبو سلطانًا للأندلس تحت اسم عبد الله محمد بن عبو. وقد استاء بعض قواد الثورة، كابن مكنون والأرشذوني، من اغتيال ابن أمية، فانسحبوا من الجهاد واختاروا الهجرة إلى أرض الإسلام، وقد انضم إلى الثورة في أوجها ما يقارب ثلاثين ألف مقاتل، منهم حوالي 5.000 من المتطوعين الأتراك والجزائريين والمغاربة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015