لبهنكما أن لم تراعا بفرقة ... وما دبّ فى تشتيت شملكما لدهر
فلم أر مثلى فطّع الشوق قلبه ... على أنه يحكى قساوته الصّخر
وقال المرزبانىّ: «أخبرنى محمد بن الحسن بن دريد أبو بكر الأزدىّ قال:
سقطت من منزلى بفارس فانكسرت ترقوتى [1]، فسهرت ليلتى، فلما كان فى آخر الليل حملتنى عينى فرأيت رجلا طويلا أصفر الوجه كوسجا [2] دخل علىّ وأخذ بعضادتى [3] الباب وقال: أنشدنى أحسن ما قلت فى الخمر، فقلت: ما ترك أبو نواس شيئا.
فقال: أنا أشعر منه، فقلت: ومن أنت؟ قال: أنا أبو ناجية من أهل الشام، وأنشدنى [4]:
وحمراء قبل المزج صفراء بعده ... أتت بين ثوبى نرجس وشقائق
حكت صفرة المعشوق صرفا فسلطوا ... عليها مزاجا فاكتست لون عاشق [5]
فقلت له: أسأت، قال: ولم؟ قلت لأنّك قلت: «وحمراء»، فقدمت الحمرة. ثم قلت: «بين ثوبى نرجس وشقائق»، فقدمت الصّفرة على الأخرى؟.
فقال: وما هذا الاستقصاء فى هذا الوقت يا بغيض!».
«وكتب أبو بكر بن دريد إلى أبى علىّ أحمد بن محمد بن رستم، وكان قد حجبه [6]:
حجابك صعب يجبه المرء دونه ... وقلبى إذا سيم المذلّة أصعب
وما أزعجتنى نحو بابك حاجة ... فأجشم نفسى رجعة حين أحجب