وكان طاهر بن عبد الله يودّ أن يأتيه أبو عبيد ليسمع منه كتاب غريب الحديث فى منزله، فلم يفعل إجلالا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان هو يأتيه.

وقدم على بن المدينى [1] وعباس العنبرىّ [2]، فأرادا أن يسمعا غريب الحديث، فكان يحمل كلّ يوم كتابه ويأتيهما فى منزلهما، فيحدّثهما فيه إجلالا لعلمهما؛ وهذه شيمة شريفة، رحم الله أبا عبيد! «قال جعفر بن محمد بن علىّ بن المدينى: سمعت أبى يقول: خرج أبى إلى أحمد بن حنبل يعوده وأنا معه، قال: فدخل عليه وعنده يحيى بن معين- وذكر جماعة من المحدّثين- قال: فدخل أبو عبيد القاسم بن سلّام، [فقال له يحيى بن معين: اقرأ علينا كتابك الذى عملته للمأمون [3] فى غريب الحديث، فقال: هاتوه، فجاءوا به [4]]، فأخذه أبو عبيد، فجعل يبدأ يقرأ الأسانيد، ويدع تفسير الغريب. قال: فقال له أبى: يا أبا عبيد، دعنا من الأسانيد، نحن أحذق بها منك. فقال يحيى بن معين لعلىّ بن المدينى: دعه يقرأ على الوجه؛ فإن ابنك محمدا معك، ونحن نحتاج إلى أن نسمعه على الوجه. فقال أبو عبيد:

ما قرأته إلا على المأمون؛ فإن أحببتم أن تقرءوه فاقرءوه. قال: فقال له علىّ ابن المدينى: إن قراءته علينا أولى، وإلّا فلا حاجة [لنا [4]] فيه- ولم يعرف أبو عبيد علىّ ابن المدينى- فقال ليحيى بن معين: من هذا؟ فقال: هذا علىّ بن المدينى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015