اليزيدى [1]: [ثم قال لى أبو عمرو [2]]: تعالى يا يحيى، وتعال يا خلف- يعنى الأحمر- اذهبا إلى أبى المهدىّ [3] فلقنّاه الرفع، فإنه لا يرفع- وكان حجازيا باهليّا- واذهبا إلى المنتجع التميمىّ فلقناه النصب، فإنه لا ينصب. قال اليزيدىّ:
فذهبت أنا وخلف، فأتينا أبا المهدىّ، فإذا هو يصلّى، وكان به عارض، وإذا هو يقول في الصلاة: اخسأنانّ عنّى! ثم قضى صلاته، وانفتل إلينا، وقال:
ما شأنكما؟ فقلنا: جئتا نسألك عن شىء من كلام العرب، فقال: قولا، فقال خلف: كيف تقول: «ليس الطّيب إلا المسك»، فقال: أتأمرانى بالكذب على كبر السّنّ! فأين الجادىّ [4] وأين كذا؟ وأين كذا؟ فقال له خلف:
ليس الشّراب إلا العسل، قال: فما تصنع سودان هجر؟ ما تعرف شرابا إلا التمر [5]، قال اليزيدىّ: فلما رأيت ذلك منه قلت: ليس ملاك الأمر إلا طاعة الله والعمل بها، [فرفعت [6]]. فقال: هذا كلام لا دخل [7] فيه، ثم قال: «ليس ملاك الأمر إلا طاعة الله، والعمل بها»، فنصب. قال [8] اليزيدىّ: فقلتها بالرفع [8]، فقال:
ليس هذا من لحنى ولا من لحن قومى، فكتبنا منه ما سمعنا، فقال: ألا أنشدكما أبياتا قلتها حين سمعت تراطن هذه الأعاجم حولى؟ قلنا: بلى، فأنشدنا:
يقولون لى شنبذ ولست مشنبذا ... طوال اللّيالى، أو يزول ثبير [9].