إذا ما صدقتهم خقتهم ... ويرضون منّى بأن يكذبوا

قال الأصمعىّ: كان أبو عمر بن العلاء يغلّ من دار له فى كلّ يوم فلسين، وكان يشترى بفلس في كل يوم كوزا يشرب فيه يومه، فإذا أمسى تصدّق به، ويشترى بفلس ريحانا فيشمّه يومه، فإذا أمسى أمر الجارية أن تجفّفه ويدقّ فى الأسنان.

قال الأصمعىّ: جلست إلى أبى عمرو بن العلاء، ولى تسع عشر سنة، وتوفّى أبو عمرو ولى سبع وعشرون سنة، ما سمعت أحدا يسأله عن شىء عىّ بجوابه، ولا سألته أنا عن شىء إلّا وجدت عنده منه علما.

وذكر [ابن أخى] الأصمعىّ عن عمّه، قال: كنت إذا سمعت أبا عمرو ابن العلاء يتكلّم ظننت أنه لا يحسن شيئا ولا يلحن، يتكلّم كلاما سهلا.

وقال أبو عمرو بن العلاء: نظرت في هذا العلم قبل أن أختن، وهو يومئذ ابن أربع وثمانين.

وقيل له: حتى متى يحسن بالمرء أن يتعلّم؟ قال: ما دامت الحياة تحسن به.

وأخافه الحجّاج [1] بن يوسف- وكان يستتر منه- قال: فحرجت يوما أريد التنقّل من الموضع الّذى كنت فيه إلى غيره، فسمعت منشدا ينشد:

ربّما تكره النّفوس من الأمر له فرجة كحلّ العقال [2].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015