يلغطن كالنّبيط إلغاطا، اللهمّ إلّا فرّاطا [1] من الظّمأ إلى زلال الفضل يصدعون إليه أردية اللّيل البهيم، ويشربون منه شرب العطاش الهيم.
وكان من أوكد الأسباب، الدّواعى إلى تأليفه هذا الكتاب، بعثه إياى عليه، وإهابته بى إليه:
فللزّجر ألهوب وللسّأق درّة ... وللسّوط منّى وقع أخرج مهذب [2].
ومحلّه منّى داخل تحت قولى فيه، [بل أجلّ وأوفر [3]]:
يعقوب عمّى وغير بدع ... لو عمّ قلبى ولاء عمّى
ودّى له كالصّباح عار ... ولا أورّى ولا أعمّى
قال: فممّا أنشدنى له من معانيه الأبكار، التى لا تفترع إلا بدقائق الأفكار، قوله:
تظنّ علوّ المرء بالمال حازه ... وليس بعال معدم وهو ماهر [4].
لقد ملت عن نهج الصّواب معاندا ... أمالك عن مسخوط رأيك زاجر [5]!
فممّ علوّ البدر والمال غائب ... وفيم سفال الكنز والمال حاضر!