فأراد غيره إلا سهل عليه؛ فقال له محمد: يا أبا زكرياء، فأنت أيضا قد أنعمت النظر في العربية؛ فنسألك عن باب من الفقه، قال: هات على بركة الله، قال: ما تقول في رجل صلّى فسها، فسجد سجدتى السهو، فسها فيهما؟ ففكر الفرّاء ساعة [ثم [1]] قال: لا شىء عليه، قال له محمد: ولم؟ قال: لأنّ التصغير عندنا لا تصغير له، وإنما السّجدتان تمام الصلاة، فليس للتّمام تمام، فقال محمد ابن الحسن: ما ظننت آدميّا يلد مثلك [2]! قال هنّاد بن السرىّ: كان الفرّاء يطوف معنا على الشيوخ، فما رأيناه أثبت سوداء في بيضاء قطّ، لكنه إذا مرّ حديث فيه شىء من التفسير أو متعلّق بشىء من اللغة، قال للشيخ: أعده علىّ، وظننّا أنّه كان يحفظ ما يحتاج إليه [3].
وقال ابن الجهم السّمّرى: ما رأيت مع الفرّاء كتابا قط إلا كتاب «يافع ويفعة».
وقال سلمة: أمّل الفرّاء كتبه كلّها حفظا، لم يأخذ بيده نسخة إلا في كتابين:
كتاب «ملازم»، وكتاب «يافع ويفعة».
قال أبو بكر بن الأنبارىّ: ومقدار الكتابين خمسون ورقة. [ومقدار كتب الفرّاء ثلاثة آلاف ورقة [4]].