الفرّاء فاستدعاه، فلمّا دخل عليه قال له: من أعزّ الناس؟ قال: ما أعرف أحدا أعزّ من أمير المؤمنين. قال: بلى، من إذا نهض تقاتل على تقديم نعليه وليّا عهد المسلمين، حتى رضى كلّ واحد أن يقدّم له فردا، قال: يا أمير المؤمنين، لقد أردت منعهما من ذلك، ولكن خشيت أن أدفعهما عن مكرمة سبقا إليها، وأكسر نفوسهما عن شريفة حرصا عليها. وقد يروى عن ابن عباس أنه أمسك للحسن والحسين ركابيهما حتى خرجا من عنده، فقال له بعض من حضر: أتمسك لهذين الحدثين ركابيهما وأنت أسنّ منهما. قال: اسكت يا جاهل، لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذو الفضل. قال له المأمون:
لو منعتهما عن ذلك لأوجعتك لوما وعتبا، وألزمتك ذنبا، وما وضع ما فعلاه من شرفهما، بل رفع من قدرهما، وبيّن عن جوهرهما، ولقد بينت [1] لى مخيلة الفراسة بفعلهما، فليس يكبر الرّجل وإن كان كبيرا عن ثلاث: عن تواضعه لسلطانه، ووالده، ومعلّمه العلم، وقد عوّضتهما بما فعلاه عشرين ألف دينار، ولك عشرة آلاف درهم على حسن أدبك لهما [2].
أنبأنا زيد بن الحسن بن زيد، أخبرنا عبد الرّحمن القزّاز، حدّثنا أحمد بن علىّ، أخبرنا القاضي أبو العلاء الواسطىّ، أخبرنا محمد بن جعفر التميميّ، حدّثنا محمد ابن الحسن، قال: حدثنا أبو العباس ثعلب عن ابن نجدة: لمّا قصدنى أبو زكريا للاتّصال بالمأمون، كان يتردّد إلى الباب: فلمّا أن كان ذات يوم