الموفّق بن أحمد بن محمد المكىّ الأصل أبو المؤيد خطيب خوارزم، أديب فاضل، له معرفة تامة بالأدب والفقه، يخطب بجامع خوارزم سنين كثيرة، وينشىء الخطب به، أقرأ الناس علم العربية وغيره، وتخرج به عالم فى الآداب؛ منهم أبو الفتح ناصر بن أبى المكارم المطرّزىّ الخوارزمىّ. وتوفى الموفق بخوارزم فى حادى عشر صفر سنة ثمانى وستين وخمسمائة.
ذكره الباخرزىّ فى كتابه وسجع له فقال: «لو قلت إنّى لم أر مثله فى عصرنا هذا معرفة بأصول الآداب، وغوصا على بحار المعانى الطامية العباب، وصحبة لأئمة الصناعة؛ الذين هم أسنمة الفضل وكواهله، وعندهم شفاء غليل الأدب وفيهم نواهله؛ مثل محمد بن أبى يوسف الإسفزارىّ [1]، والحاج البيتى [2]، وشريح الشّجرىّ وغيرهم، ممن لا أذكره لما نسبت إلى التزيّد والاشتطاط، ولا وصفت إلا بالتوثّق والاحتياط [3]، وقد صحبته مقتطفا من نوّاره، ومخترفا من ثماره، ومغترفا من بحاره، وراتعا فى رياض مجموعاته؛ وكارعا فى حياض مسموعاته، فكلما ازددت منه قربا، أزداد من فوائده قرطا وقلبا [4]؛ وله نثر حسن، تدلك عليه خطبه،