المختار، وذلك أن أوّل الآية وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها، قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَما يُشْعِرُكُمْ

. ثم قال تعالى: يا محمد أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ [1]

باستيفاء جواب الكلام المتقدّم. قال: صدقت، وركب إلى دار أمير المؤمنين فعرّفه بقدومى، وطالبه بدفع ما تخاطرا عليه وتبايعا فيه، فأمر بإحضارى، فحضرت، فلما وقعت عين المتوكّل علىّ قال: يا بصرىّ، كيف تقرأ هذه الآية: وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ

بالكسر أو بالفتح؟ فقلت:

يا أمير المؤمنين؛ أكثر الناس يقرءونها بالفتح، فضحك وضرب رجله اليسرى وقال:

أحضر يا فتح المال، فقال: يا سيدى، قد والله قال لى خلاف ما قال لك؛ قال:

دعنى من هذا، أحضر المال. قال المبرّد: وأخرجت فلم أصل إلى الموضع الذى كنت فيه نازلا، حتى أتتنى رسل الفتح، فأتيته فقال: يا بصرىّ، أوّل ما ابتدأتنا بالكذب! فقلت: ما كذبت، فقال: وكيف وقد قلت لأمير المؤمنين إن الصواب وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها

بالفتح، فقلت أيها الأمير؛ لم أقل هكذا، وإنما قلت: أكثر الناس يقرءونها أَنَّها

وأكثرهم على الخطأ؛ وإنما تخلّصت من اللأئمة، وهو أمير المؤمنين! فقال لى: أحسنت.

قال أبو العباس: فما رأيت أكرم كرما، ولا أرطب بالخير لسانا من الفتح.

وقال أبو العباس: حملت إلى المتوكّل سنة ست وأربعين ومائتين.

وقال أبو العباس المبرّد: أحضرت مجلس المتوكل، وقد عمل فيه النّبيذ وبين يديه أبو عبادة الوليد بن عبادة البحترىّ [2]، وهو ينشده قصيدا يمدحه، وبالقرب من البحترىّ أبو العنبس الصّيمرىّ، فأنشد قصيدته التى أوّلها:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015