وكان غرضه إبادة أرباب البيوتات ويقرّب الأراذل وشرار الفقهاء مثل الجمال المصري الذي صار قاضي دمشق ومثل ابن كسا البلبيسي والمجد البهنسي الذي وزر للأشرف وكان هؤلاء يجتمعون حوله ويوهمونه أنه أكتب من القاضي الفاضل بل ومن ابن العميد والصابي، وفي الفقه أفضل من مالك وفي الشعر أكمل من المتنبي وأبي تمام، ويحلفون على ذلك بالطلاق وأغلظ الأيمان.
وكان لا يأكل من الدولة ولا فلسا ويظهر أمانة مفرطة فإذا لاح له مال عظيم احتجنه وعملت له قبسة العجلان (?) فأمر كاتبه أن يكتبها ويردها وقال: لا نستحل أن نأخذ منك ورقا، وكان له في كل بلد من بلاد السلطان ضيعة أو أكثر في مصر والشام إلى خلاط (?) وبلغ مجموع ذلك مائة ألف دينار وعشرين ألف دينار يعني ثمن مغله (?).
وكان يكثر الإدلال على العادل ويسخط أولاده وخواصه والعادل يترضاه بكل ما يقدر عليه وتكرر ذلك منه إلى أن غضب منه على حرّان، فلما صار إلى مصر غاضبه على عادته فأقره العادل على الغضب وأعرض عنه ثم ظهر منه فساد وكثرة كلام فأمر بنفيه عن مصر والشام فسكن آمد وأحسن إليه صاحبها فلما مات العادل عاد إلى مصر ووزر للكامل وأخذ في المصادرات وكان قد عمي ورأيت منه جلدا عظيما أنه لا يستكين للنوائب ولا يخضع للنكبات، فمات أخوه ولم يتغيّر ومات أولاده وهو