وجاء قى رواية ابن سعد من طريق عمرو بن دينار، وفيها فقال الحسن: أيها الناس، إنى كنت أكره الناس لأول هذا الحديث، وأنا أصلحت آخره لذى حق أديت إليه حقه أحق به مني، أو حق جدت به لصلاح أمة محمد، وإن الله قد ولاك يا معاوية هذا الحديث لخير يعلمه عندك أو لشر يعلمه فيك {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [الأنبياء: 111] ثم نزل وأما الرواية التى تشير إلى أن عمرو بن العاص وأبو الأعور السلمي قالوا لمعاوية لما بايع الحسن بن على معاوية: لو أمرت الحسن فصعد المنبر فتكلم عيى (?) عن المنطق فيزهد فيه الناس، فقال معاوية: لا تفعلوا فوالله لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمص لسانه وشفته ولن يَعْيَ لسان مصه النبى - صلى الله عليه وسلم - أو شفتان، فآبوا على معاوية فصعد الحسن المنبر فحمد بن وأثنى عليه .. " فهذه رواية باطلة من حيث الإسناد والمتن، فإسنادها ضعيف ومتنها منكر، (?) وليس معاوية بمن يجهل القدرات البلاغية والخطابية للحسن.
وجاء في رواية البلاذرى أن الحسن دخل بقيس على معاوية ليبايعه، فعن جرير ابن حازم، قال: سمعت محمد بن سيرين يقول: لما بايع الحسن معاوية، ركب الحسن إليه إلى عسكره، وأردف قيس بن سعد بن عبادة خلفه، فلما دخلا المعسكر، قال الناس: جاء قيس، جاء قيس، فلما دخلا على معاوية، بايعه الحسن، ثم قال لقيس: بايع. فقال قيس بيده: هكذا، وجعلها في حجره ولم يرفعها إلى معاوية، ومعاوية على السرير، فبرك معاوية على ركبتيه، ومدّ يده حتى مسح على يد قيس، وهى في حجره قال -جرير بن حازم- وحكى لنا محمد بن سيرين صنيعه، وجعل يضحك وكان قيس رجلاً جسيمًا (?).
وبتنازل الحسن بن على عن الخلافة ومبايعته رضوان الله عليهم أجمعين تنتهى بذلك فترة خلافة النبوة وهى ثلاثون سنة والحجة في ذلك قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "خلافة النبوة ثلاثون سنة، ثم يؤتى الله الملك، أو ملكه من يشاء" (?)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: