سمعت الحسن بن على يقول: والله لا أبايعكم إلا على ما أقول لكم، قالوا: ما هو؟ قال: تسالمون من سالمت وتحاربون من حاربت (?). ويستفاد من الروايتين ابتداء الحسن رضي الله عنه في تبييته لنية الصلح قبل استخلافه، وذلك تحقيقًا منه لنبوءة المصطفى (?)، وأدخل الحسن رضي الله عنه بشرطه في عقلية العراقيين بأن خيار السلم قابل للنقاش والأخذ والعطاء، وليس فيه إرادة السلم على الحرب، فهو يشتمل عليهما معًا، وإن كان يوحى بالسلم وهذا دليل على عبقريته وحسن قيادته، ومعرفته بالأمور، كما أنه رضي الله عنه تقدم للخلافة لما كانت مصلحة الإسلام والمسلمين في ذلك.
وقوع المحاولة الأولى لاغتيال الحسن رضي الله عنه بعد أن كشف عن نيته في الصلح مع معاوية رضي الله عنه، وهذه المحاولة يبدو إنها قد جرت بعد استخلافه بقليل، وهو ما أشارت إليه الروايات التالية: ما أخرجه ابن سعد في طبقاته من طريق أبي جميلة (?): أن الحسن بن على لما استخلف حين قتل على، فبينما هو يصلى إذا وثب عليه رجل فطعنه بخنجر -وزعم حصين بن عبد الرحمن السلمي أنه بلغه أن الذي طعنه رجل من بنى أسد- والحسن ساجد، قال حصين: وعمى أدرك ذلك، قال: فيزعمون أن الطعنة وقعت في وركه فمرض منها أشهرًا ثم برئ، فقعد على المنبر فقال: يا أهل العراق اتقوا الله فينا، فإنا أمرِاؤكمِ وضيفانكم، أهل البيت الذين قال الله: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33]، قال: فما زال يقول ذلك حتى ما رُئى أحد من أهل المسجد إلا وهو يخن (?) بكاء (?). وما أخرجه ابن سعد في طبقاته من طريق هلال بن يساف (?)، قال: سمعت الحسن بن على وهو يخطب وهو