يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه (?)، وهكذا تتدرج المعاصي في تسربها إلى قلب العبد وتأثيرها عليه حتى لا يبالي بها ولا يقدر على مفارقتها ويطلب ما هو أكثر منها (?)، وفي ذلك يقول ابن اقيم ـ رحمه الله ـ: إن المعاصي تزرع أمثالها، ويولد بعضها بعضاً حتى يعز على العبد مفارقتها والخروج منها .. حتى تصير هيئات راسخة وصفات لازمة وملكات ثابتة، ولو عطل المجرم المعصية وأقبل على الطاعة لضاقت عليه نفسه، وضاق صدره حتى يعاودها، حتى إن كثيراً من الفسَّاق ليواقع المعصية من غير لذة يجدها، ولا داعية إليها إلا لما يجده من الألم بمفارقتها (?). ومن نتائج طغيان شهوة الفرج، ذهاب الحياء، فإذا اعتاد العبد على مقارفة الآثام نتيجة لطغيان شهوته، سيصل إلى حال لا يبالي فيه باطلاع الناس على أفعاله القبيحة، بل أن كثيراً من هؤلاء يخبرون الناس بما يفعلونه ويتباهون به لأنهم انسلخوا من الحياء (?).

وهكذا نجد أن التهاون في وقاية شهوة الفرج من الانحراف ولو كان يسيراً، سيؤدي شيئاً فشيئاً إلى ما هو أخطر وحتى لا يقع المرء فريسة طغيان الشهوة التي يصعب التخلص من شرودها، وتؤدي في النهاية إلى طمس قلب صاحبها وانسلاخه من الأخلاق الفاضلة بالإضافة إلى ما يصيبه من الأمراض النفسية والجسدية (?)، فقد شرع الإسلام تدابير وقائية من طغيان شهوة الفرج منها:

- غض البصر وستر العورة:

لأن الطريق الذي تنفذ منه سهام الشهوة إلى القلب هو البصر ولذلك أمر الله عباده بغض البصر عمّا حرّم عليهم وستر عواراتهم عمن لا يحل لهم قال تعالى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015