تاماً أن هذا الأمر في بقية الستة من أهل الشورى وأن علياً أفضل منه وأولى بالأمر (?) ودليل ذلك ما أخرجه يحي بن سليمان الجعفي بسند جيد، عن أبي مسلم الخولاني أنه قال لمعاوية: أنت تنازع علياً، أم أنت مثله؟ فقال: لا والله إني لأعلم أنه لأعلم مني، وأحق بالأمر مني، ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوماً، وأنا ابن عمه، والطالب بدمه، فأتوه، فقولوا له: فليدفع إليَّ قتلة عثمان وأسلم لهم، وأتوا علياً فكلموه، فلم يدفعهم إليه (?)، وفي رواية: فأتوه فكلموه فقال: يدخل في البيعة ويحاكمهم إليَّ فامتنع معاوية (?).
إن الروايات التي تصور معاوية في خروجه عن طاعة علي بسب أطماع ذاتية وأطماع دنيوية، بسبب التنافس والعداء الجاهلي القديم بين بني هاشم وبني أمية وغير ذلك من القذف والافتراءات والطعن على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أعتمد عليها الكتاب المعاصرين ـ كالعقاد في عبقرية علي، وعبد العزيز الدوري في مقدمته في تاريخ صدر الإسلام وبنوا عليها تحليلاتهم الباطلة، هي روايات متروكة مطعون في رواتها عدلاً وضبطاً (?)، مما قد شاع بين الناس قديماً وحديثاً أن الخلاف بين علي ومعاوية رضي الله عنهما ـ كان سببه طمع معاوية في الخلافة وأن خروج هذا الأخير على عليّ وامتناعه عن بيعته كان بسبب عزله عن ولاية الشام، ذكرها مؤرخو الشيعة الروافض أو كتاب الإمامة والسياسية المنسوب زوراً وبهتاً لابن قتيبة الدينوري، فهذا الكتاب لا يثبت لابن قتيبة وإنما كاتبه رافضي محترق، وهذه مجموعة من الأدلة تبرهن على أن الكتاب المذكور منسوب إلى الإمام ابن قتيبة كذباً وزوراً ومن هذه الأدلة:
ـ إن الذين ترجموا لابن قتيبة لم يذكر واحد منهم أنه ألف كتاباً في التاريخ يدعى الإمامة والسياسة، ولا نعرف من مؤلفاته التاريخية إلا كتاب المعارف.