نشهد لأحد منهم بالنار لأمور محتملة لا تدل على ذلك، فكيف يجوز مثل ذلك في خيار المؤمنين، والعلم بتفصيل أحوال كل واحد منهم باطنًا وظاهرًا، وحسناته وسيئاته واجتهاداته، أمر يتعذر علينا معرفته؟ فكان كلامنا في ذلك كلامًا فيما لا نعلمه، والكلام بلا علم حرام، فلهذا كان الإمساك عمّا شجر بين الصحابة خيرًا من الخوض في ذلك بغير علم بحقيقة الأحوال، إذ كان كثير من الخوض في ذلك ـ أو أكثره ـ كلامًا بلا علم، وهذا حرام لو لم يكن فيه هوى ومعارضة الحق المعلوم، فكيف إذا كان كلامًا بهوى يُطلب فيه دفع الحق المعلوم؟
فمن تكلم في هذا الباب بجهل أو بخلاف ما يعلم من الحق كان مستوجبًا للوعيد، ولو تكلم بحق لقصد اتباع الهوى لا لوجه الله تعالى، أو يُعارض به حقًا آخر، لكان أيضًا مستوجبًا للذم والعقاب ... ومن عَلِمَ ما دلَّ عليه القرآن والسُّنة من الثناء على القوم، ورضا الله عنهم، واستحقاقهم الجنة، وأنهم خير هذه الأمة التي هي أخرجت