وإنَّ أمر الناس في هذا الزمان عجيبٌ! حيث إنَّ كلَّ أحدٍ من المتميعين يذكر بول الأعرابي في الْمَسْجِد!، وكلٌّ منهم يذكر زيارة النبي - صلى الله عليه وسلم - لليهودي!، هكذا يسمونها زيارة، ولا يَذكرُونَ الداعي لذلك، فهم يفهمون فُهُوماً تتناسب مع انحرافهم!، بل يُكيِّفُون أفهامَهُم على ذلك!، ولا يُطيقون البغضَ في الله والمعاداةَ فيه، فيذكرون هذه القصص دفعاً للحقِّ، لأنهم هم بأنفسهم مستحقين من الْمَلامة بقدر انحرافهم؛ هذا هو السِّرُّ!، ولذلك يُحاولون إبعادَ هذا الجانب من الدِّين وَثَلْب مَن عَمِل به!.
ولو أرَدْنَا أنْ نذكُرَ كلامَ النبي - صلى الله عليه وسلم - وكلامَ الصحابةِ والعلماء بعدهم وأفعالهم مع الكفار والعصاة من المسلمين من البغض والهجر لَطَال الْمَقام!، وذلك - ولله الحمد - مشهور ومعروف ولكنهم يتعامَوْنَ عنه!، فالله المستعان.
ولتعلم أنه مُفْتَرٍ وَكَاذِب مَن جَعَل التغليظ والهجر إنَّمَا يَحصُل نتيجة الجهل بالدِّين أو لاختلاف طبائع الناس وأمزجتهم.
نعَم، إذَا ثَبَتَ أنَّ أحداً يَزيد في البغْضِ عَن الحدِّ الشرعي مِثْل أنْ يهجر المسلمُ أخاه المسلم فوق ثلاث هَجْراً غير دِينِيٍّ كأنْ يكون بينه وبينه شيء مِمَّا يكون بين الناس؛ فهذا مَنْهِيٌّ عنه لأنَّ هذا في أمور خاصة ودنيوية ليست حقاً لله تعالَى، وقد تقدَّمَ بَيَانُ ذلك، وهو المقصود بنهي النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بقوله: (لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ