والعلماءُ بعدهم، فَمَن فعل ذلك اليوم صار هو الآتي بالْمُنكَر وهو الْمُستحق للإنكار عليه وبُغْضِه، وهذا واقعٌ في وقتنا مِمَّن يرْون أنفسهم، وفي هذا الكتاب - ولله الحمدُ والْمِنَّة - مَا يُوضِّح هذا الأمر وَيُجَلِّيه تجلية بيِّنة؛ ويأتي - إن شاء الله تعالى - من كلام الشيخ «حمود التويجري» ما يُبَيِّن إنكار الْهَجْر وعدم رَد السَّلام مِمَّن ينتسب للعِلْم والدِّين في وَقته فكيفَ اليوم؟!، وقد كابَدتُّ من ذلك مَا صِرْتُ فيه أُحدوثة، وذلك مِنْ شدة الغربة في زماننا وإجمال الناس على المخالفات إلاَّ ما شاء الله!، وهذا من الانتكاس لأن المداهِن في ما مضى هو الذي ينكَر عليه، واليوم صار إنكار كثير من الناس على من يعمل بالسُّنة ويهجر العصاة، وهذا من مَكْرِ الشيطان بهم ليصير المعروف منكرًا والمنكر معروفًا، وما أكثر ذلك في زماننا حيث انقلبت الموازين!.
قال أبو داود - رحمه الله -: قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: أرى رجلاً من أهل السُّنة مع رجُلٍ من أهل البدعة أترك كلامَه؟!، فقال: (لاَ، أوْ تُعْلِمُهُ أنَّ الرَّجُلَ الذي رأيتَه مَعه صاحب بدعة، فإنْ تَرَك كَلاَمَه فَكَلِّمْهُ وإلاَّ فألْحِقْه به) (?).
تأمَّل قول الإمام أحمد - رحمه الله -: (وإلا فألْحِقْهُ به)!.