قال: (جَالِسُوا مَنْ يَزِيدُ فِي أعْمَالِكُمْ مَنْطِقُهُ، وَمَن تُذَكِّرُكُمْ بِاللهِ رُؤْيَتُهُ، وَيُزَهِّدُكُمْ فِي دُنْيَاكُمْ عَمَلُهُ) انتهى (?).
وقد قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} (?)؛ قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله -: (أيْ إنْ لَم تُجانِبوُا الْمُشْرِكين وتُوَالوُا المؤمنين وإلاَّ وَقَعَتْ فِتنَةٌ في النَّاسِ، وهُو الْتِبَاسُ الأمْرِ واختلاطُ المؤمنين بالكافرين، فَيَقَع بين الناسِ فَسَادٌ مُنتَشِرٌ عَرِيضٌ طويل) انتهى (?).
وقد تقدَّمَ الكلام في المقدِّمة أنَّ هذا الكِتاب ليسَ في شأنِ الكفار والبراءة منهم ومعاداتهم وإنَّمَا هو في فُسَّاقِ المسلمين وأهل البِدَعِ والأهواءِ، ومعلوم أنَّ الآيات التي نزلت في شأن الكفار لِعُصَاة المسلمين منها نَصِيبٌ بِقَدْرِ بُعدِهم عن الإسلام وإنْ لَمْ يَكُن خُرُوجاً منه، وقُرْبهُم من الكفر وإنْ لَمْ يَكن دُخولاً فيه؛ وهذا لاَبُدَّ منه.
وأمَّا إذا كان التقسيم هكذا: كافِرٌ له البرَاءة والْمُعَاداة، وَمُسلمٌ له الموالاة والمحبة دون التفصيلِ في البَرْزَخ الذي وَلَجَهُ المسلم بكبائره وَفِسْقه الْمُوجِب له أنْ يُعامَل بِمَا يَستحق، فعلى هذا لاَ يُهجَر ولا