خَلِيل الله يَعْنِي نَفسه وَفِي رِوَايَة إِنِّي أَبْرَأ إِلَى كل خَلِيل من خلته وَلَو كنت متخذ من أهل الأَرْض خَلِيلًا لاتخذت أَبَا بكر خَلِيلًا وَفِي رِوَايَة إِن الله اتَّخَذَنِي خَلِيلًا كَمَا اتخذ إِبْرَاهِيم خَلِيلًا فَبين (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) أَنه لَا يصلح لَهُ أَن يتَّخذ من المخلوقين خَلِيلًا وَأَنه لَو يكون ذَلِك لَكَانَ احق النَّاس بهَا أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ مَعَ أَنه (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) قد وصف نَفسه بِأَنَّهُ يحب أشخاصا كَمَا قَالَ معَاذ وَالله إِنِّي لَأحبك وَكَذَلِكَ قَوْله للْأَنْصَار وَكَانَ زيد بن حَارِثَة حب رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) وَكَذَلِكَ ابْنه أُسَامَة حبه وأمثال ذَلِك وَقَالَ لَهُ عَمْرو بن الْعَاصِ أَي النَّاس أحب إِلَيْك قَالَ عَائِشَة قَالَ فَمن الرِّجَال قَالَ أَبوهَا وَقَالَ لفاطمة رَضِي الله عَنْهَا أَلا تحبين مَا أحب قَالَت بلَى قَالَ فأحبي عَائِشَة وَقَالَ لِلْحسنِ اللَّهُمَّ إِنِّي أحبه فَأَحبهُ وَأحب من يُحِبهُ وأمثال هَذَا كثير فوصف نَفسه بمحبة الْأَشْخَاص وَقَالَ إِنِّي أَبْرَأ إِلَى كل خَلِيل من خلته وَلَو كنت متخذا من أهل الأَرْض خَلِيلًا لاتخذت أَبَا بكر خَلِيلًا فَعلم أَن الْخلَّة أخص من مُطلق الْمحبَّة بِحَيْثُ هِيَ من كمالها وتخللها الْحبّ حَتَّى يكون المحبوب بهَا محبوبا لذاته لَا لشَيْء آخر إِذْ المحبوب لشَيْء غَيره هُوَ مُؤخر فِي الْمحبَّة عَن ذَلِك الْغَيْر وَمن كمالها لَا تقبل الشّركَة والمزاحمة لتخللها الْحبّ فَفِيهَا كَمَال التَّوْحِيد وَكَمَال الْحبّ وَإِن الْخلَّة أَيْضا تنَافِي الْمُزَاحمَة وَتقدم الْغَيْر بِحَيْثُ يكون المحبوب محبوبا لذاته لَا يزاحمه فِيهَا غَيره وَهَذِه محبَّة لَا تصلح إِلَّا لله فَلَا يجوز أَن يشركهُ غَيره فِيمَا يسْتَحقّهُ وَهُوَ مَحْبُوب لذاته وكل مَا يحب غَيره إِذا كَانَ محبوبا بِحَق فَإِنَّمَا يحب لأَجله وكل مَا أحب لغيره فمحبته بَاطِلَة فِي الدُّنْيَا وَالدُّنْيَا ملعونة مَلْعُون مَا فِيهَا إِلَّا مَا كَانَ لله تَعَالَى فَإِذا كَانَت الْخلَّة كَذَلِك فَمن الْمَعْلُوم أَن من أنكر أَن يكون الله محبوبا لذاته يُنكر مخاللته وَكَذَلِكَ أَيْضا إِن أنكر محبته لأحد من عباده فقد انكر أَن يَتَّخِذهُ خَلِيلًا بِحَيْثُ يحب الرب وَيُحِبهُ العَبْد على أكمل مَا يصلح لِلْعِبَادَةِ وَكَذَلِكَ تكليمه لمُوسَى أنكروه لإنكارهم أَن يقوم بِهِ صفة من الصِّفَات أَو فعل من الْأَفْعَال فَكَمَا يُنكرُونَ أَن يَتَّصِف بحياة أَو قدرَة أَو علم أَو أَن يستوى أَو أَن يَجِيء فَكَذَلِك يُنكرُونَ أَن يتَكَلَّم أَو يكلم فَهَذَا حَقِيقَة قَوْلهم الْبَقَرَة كَذَلِك قَالَ الَّذين من قبلهم مثل قَوْلهم تشابهت قُلُوبهم لَكِن لما كَانَ الْإِسْلَام ظَاهرا وَالْقُرْآن متلوا لَا يُمكن جَحده لمن أظهر الْإِسْلَام أخذُوا يلحدون فِي أَسمَاء الله ويحرفون الْكَلم عَن موَاضعه فتأولوا محبَّة الْعباد لَهُ بِمُجَرَّد محبتهم لطاعته والتقرب إِلَيْهِ وَهَذَا جهل عَظِيم فَإِن محبَّة المتقرب إِلَى المتقرب إِلَيْهِ