ومن المؤلفين في الأمثال في العصر الأموي، صحار بن العباس أو «عيّاش» العبدي «1» ، وكان مثقفا واسع الشهرة في عصر معاوية. كذلك تحدّث أصحاب التراجم عن «علاقة بن كريم» وهو عند البكري كرشم وعند ياقوت الحموي كرسم الكلابي «2» .

وبرأينا أن هذه الكتب من الأمثال التي صنعت في العصر الأموي، لم تكن لتختلف كثيرا في ترتيبها ومضمونها وحجمها عن كتاب الأمثال الذي ألّفه المفضّل الضبيّ الذي يفيض بالقصص التعليليّة للأمثال.

ففي كتاب أمثال العرب للمفضل الضبيّ، تتجلّى لنا صورة الأديب والمربي، الذي يهتمّ بالقصص المسليّة. فنحن نجد في هذا الكتاب أجمل الأقاصيص والخرافات والأساطير. وهي تنتهي بعبارة مأثورة لأحد أبطالها، وهم عادة ما يكونون من زعماء القبائل والعشائر والشيوخ، أو من جماعة الشعراء والحكماء، أو من الحمقى والمغفلين.

كذلك فنحن نجد قصصا من أخبار أيام العرب، تتعلّق بشخصيّة تاريخيّة معروفة، ولكنها على العكس تماما من أيام العرب، فإنها ذات طابع قصصي محض. فالمكان والزمان غير واضحين. أمّا الجوّ العام للقصّة فهو غامض أيضا، ولا يتّضح وضوحا تاما أيضا.

ولذلك لم يجد فيها المؤرخون قيمة تاريخيّة، اللهم إلّا بالنسبة للأسماء والهيكل العام للحوادث.

وقد حذّر (كاسكل Quellen:ص 333 من اعتماد المؤرخين عليها في التاريخ الحضاري، لأنها ليست دقيقة «3» .

أما ما يجدر ذكره، فهو انتقال معظم قصص الأمثال التي أوردها المفضل الضبيّ، وإن لم تكن بكامل تفاصيلها- إلى مؤلفات اللغويين القدامى، من الكوفيين والبصريين. وقد أضيفت إليها تلك القصص التي رواها ابن الكلبي بأسلوبه البارع في صناعة الخرافات والأحاديث. وكذلك عمدته في أخباره الشرقي القطامي ويعرف بأبي المثنى الوليد بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015