ولديه مفهوم واضح عن البلاغة، فعندما سأله تلميذه وربيبه ابن الأعرابي عن الإيجاز قال: هو حذف الفضول وتقريب البعيد (?) ، ومع ذلك فإنه كان دائم التسآل عن مفهوم البلاغة لدى الآخرين وخاصة الأعراب (?) .

وهو - كأقرانه من العلماء الرواة - يستطيع أن يميز المنحول من الأصيل، فإذا مر به هذا البيت المدرج في قصيدة عمرو بن كلثوم:

ليستلبن أبداناً وبيضاً ... وأسرى في الحديد مقيدينا قال: ليس هو من هذه القصيدة (?) ؛ فإذا غمض عليه المنحول من الصحيح في شعر عدي بن زيد، فذلك ليس غريباً، لا سيما وهو مخلص ((لمدرسة الكوفية)) التي لم تكن تتشدد في قبول الاتساع في رواية الشعر.

ومع هذا الاطلاع الواسع على التراث الشعري، والنظرة الناقدة، فإنه - شأن غيره من الرواة - لم يبرأ من التصحيف؟ والتصحيف في حقيقته يدل على اجتهاد في القراءة والتأويل معاً، وإذا كان مرجوجاً في هذين الأمرين - أعني القراءة والتأويل - فهو لا يدل على جهل الراوي إطلاقاً. وقد أشرت إلى نموذج من تصحيفاته فيما تقدم، أما سائر ما أخذ عليه فيمكن تلخيصه فيما يلي (?) .

1 - قرأ بيت الأعشى:

ساعة أكبر النهار كما ... شد محيل لبونه إعتاما وصوابه ((مخيل)) - بالخاء المعجمة - أي رأى خالاً من السحاب فخشي على بهمه أن تفرق للمطر أو يضر بها فشدها، وأكبر النهار ضحى النهار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015