حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا لَيْثٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّمَا آجَالُكُمْ فِي آجَالِ مَنْ خَلَا كَمَا -[61]- بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ، وَإِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كَرَجُلٍ اسْتَعْمَلَ عُمَّالًا فَقَالَ: مَنْ يَعْمَلْ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ، فَعَمِلَتِ الْيَهُودُ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَعْمَلْ مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ؟ فَعَمِلَتِ النَّصَارَى مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ، فَقَالَ: مَنْ يَعْمَلْ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ عَلَى قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ؟ أَلَا لَكُمُ الْأَجْرُ مَرَّتَيْنِ. قَالَ: فَغَضِبَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، قَالُوا: نَحْنُ أَكْثَرُ عَمَلًا وَأَقَلُّ عَطَاءً، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ شَيْئًا؟، قَالُوا: لَا، قَالَ: فَإِنَّهُ فَضْلِي أُعْطِيَهُ مَنْ شِئْتُ" قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا مَثَلٌ فِي فَضْلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى مَنْ تَقَدَّمَهَا مِنَ الْأُمَمِ، وَأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُضَاعَفُ لَهَا الثَّوَابَ عَلَى يَسِيرِ مَا كُلِّفُوا مِنَ الْعَمَلِ مَعَ قِصَرِ مُدَّتِهَا فِي مُدَّةِ مَنْ قَبْلَهَا مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الْيَهُودُ يَهُودًا مِنْ قَوْلِهِمْ: {هُدْنَا إِلَيْكَ} [الأعراف: 156] . وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَنْبَارِيُّ، عَنِ الطُّوسِيِّ قَالَ: وَالتَّهَوُّدُ: التَّوْبَةُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ وَأَنْشَدَ:

[البحر الطويل]

سِوَى رَبْعٍ لَمْ يَأْتِ فِيهَا مَخَافَةً ... وَلَا رَهَقًا مِنْ عَائِذٍ مُتَهَوِّدِ

وَسُمِّيَتِ النَّصَارَى نَصَارَى لِأَنَّهُمْ نُسِبُوا إِلَى قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا نَصُورِيُّةُ، وَقَالُوا: أَنَا صَرْتُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي النِّسْبَةِ: نَصْرِيُّ. وَالْأَجَلُ: الْمُدَّةُ وَالْوَقْتُ الَّذِي يَتَنَاهَى إِلَيْهِ الْعُمُرُ وَهَذَا عَلَى الْجُمْهُورِ الْأَكْثَرِ، إِلَّا أَنَّ أَحَدًا لَا يَتَجَاوَزُهَا، وَمِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ: جَاءَتْ تَمِيمٌ، وَأَقْبَلَتْ بَكْرٌ، وَقَالُوا: جَاءَتْ غَطَفَانُ عَنْ بَكْرَةِ أَبِيهَا، أَيْ: جَاءُوا بِأَجْمَعِهِمْ -[62]-. وَأَنْشَدَنَا ابْنُ عَطِيَّةَ قَالَ: أَنْشَدَنَا أَبُو حَاتِمٍ:

[البحر الطويل]

وَجَاءَتْ سُلَيْمٌ قَضُّهَا بِقَضِيضِهَا ... تَمَسَّحَ دُونِي بِالْفَضَاءِ سَبَالُهَا

الْقَضُّ: الْحَصَى، وَالْقَضِيضِ: التُّرَابُ. وَأَنْشَدَنِي رَجُلٌ بِضَرِيَّةَ يَذْكُرُ وَقْعَةً:

[البحر الرجز]

ثَارَتْ لَهَا كَلْبٌ وَقَيْسٌ كُلُّهَا ... وَبَنُو الْحُرُوبِ تَنُوخُ وَالْأَنْصَارُ

وَأَتَتْكَ بَهْرَاءُ بْنُ عَمْرٍو بِالْقَنَا ... وَالْخَيْلُ مُعْلَمَةٌ لَهَا إِحْضَارُ

وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ: «أَلْقَتْ إِلَيْكُمْ مَكَّةَ أَفْلَاذَ كَبِدِهَا» يُرِيدُ: أَشْرَافَهَا، يَعْنِي: مُعْظَمَهُمْ وَأَكْثَرَهُمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015