اعلم أن مكة لما فتحها اللَّه عز وجل على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في سنة ثمان من الهجرة واستعمل عليها عتاب بن أسيد حجّ ناس من المسلمين، وحجّ المشركون على مدتهم على ما كانوا عليه من استعمال النبي صلى اللَّه عليه وسلم، وذلك أن العرب في جاهليتها، كانت في الحجّ على حالتين: إحداهما الفرقة التي كانت متمسكة بعهد إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وكان حجّهم على نحو ما يعمله أهل الإسلام، والفرقة الثانية التي أنشأت اليهود، يعني أخّرتها، وذلك أنها أرادت أن يكون الحج في وقت إدراك الثمار، وأن ينبت حالة واحدة في أطيب الأزمنة، فتعلموا لبس الشهور من اليهود المجاورين، وذلك قبل الهجرة بنحو مائتي سنة، وعملوا بها كما عمل اليهود من إلحاق فصل ما بين سنينهم القمرية وبين السنة الشمسية، وتولى عمل ذلك للعرب السادة المعروفون بالقلامس من بني كنانة، واحدهم قلمس، وكان يقوم بعد انقضاء الحج فيخطب وينسئ الشهور ويسمي الشهر الثاني له باسمه، فيقبل الجميع