ومع ذلك ففي ثبوت خصوصية هذه الثلاثة برسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم نظر، فإن الّذي ينفي ولا يعدل قد جاء ما يعارض هذا الحديث، وما
أخرجه الدار الدّارقطنيّ [ (?) ] من حديث قتادة عن أنس مرفوعا: أمرت بالوتر والأضحى، ولم يعزم عليّ.
ورواه ابن شاهين في (ناسخه ومنسوخه) وقال: ولم يعرض عليّ
ولكنه حديث ضعيف أيضا فيه عبد اللَّه بن مجرد العامريّ الجزريّ، قاضي الجزيرة لأبي جعفر المنصور، يروى عن نافع، والزهريّ، وقتادة، والحكم بن عيينة، وجماعة، ويروى عنه بقية، وأبو يوسف القاضي، وعبد الرزاق، وأبو نعيم وجماعة، وهو ضعيف بإجماعهم. قال ابن معين: ضعيف، ومره قال: ليس بتفة، وقال السعدي: هالك، وقال الفلاس: متروك الحديث، وقال البخاريّ:
منكر الحديث، وقال ابن عديّ: ورواياته عمن يرويه غير محفوظه، وذكر ابن شاهين في (الناسخ والمنسوخ) حديث ابن عباس المتقدم من طريق الوضاح، وحديث أنس هذا، ثم قال: الحديث الأول أقرب إلى الصواب من الثاني، لأن فيه عبد اللَّه بن مجرد وليس بمرض عندهم، وقال: ولا أعلم الناتج منهما لصاحبه قال: ولكن الّذي عندي يشبه ان يكون حديث عبد اللَّه بن مجرد على ما فيه ناسخا للأول، لأنه ليس يثبت أن هذه الصلوات فرض وهذا كله كلام عجيب، فلا ناسخ ولا منسوخ، لأن النسخ أيضا يصار إليه عند تعارض الأدلة الصحيحة، ولا معارضة، إذا تم هاهنا أمور:
أحدها: ما حكاه بعض الأصحاب عن أبي العباس الروياني أن الأضحية والوتر لم تجبا عليه صلّى اللَّه عليه وسلّم وقد شهد للوتر فقط ما
ثبت في الصحيحين من حديث عبد اللَّه بن عمر أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم كان يوتر على البعير،
وهذا من حجتنا على الحنفية في عدم وجوبه، لأنه لو كان واجبا لما فعله على الراحلة، فدل على أنه سنة في حقه شأن المندوب، لكن قال النوويّ في (شرح المهذب) :
إنه كان من خصائصه صلّى اللَّه عليه وسلّم جواز هذا الواجب الخاص به على الراحلة.