والثاني: أن يسبق العلم بأن الأمة لا تساوى نبيها صلّى اللَّه عليه وسلّم في مناكحه، وإن كانت تساويه في غيرها من الأحكام، حتى لا يقدم أحد على ما خطر عليه اقتداء به انتهى.
وقد حكى الصيمري عن أبي علي بن خيران أنه منع من الكلام في خصائص رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في أحكام النكاح وكذا في الإمامة، كما حكاه الماورديّ، وأطلق في (الروضة) [ (?) ] الحكاية، عن الصيمريّ عنه، ووجهه أن ذلك قد انقضى، فلا عمل يتعلق به، فلا معنى للكلام فيه، وإنما يسوغ الاجتهاد في النوازل التي تقع، أو نتوقع، ومال إلى هذا الشيخ أبو حامد الغزالي ونسبه إلى المحققين تبعا لإمامه، فقال: وليس يسوغ إثبات خصائص رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بالأقيسة التي تناط بها الأحكام العامة في الناس، ولكن الوجه ما جاء به الشرع من غير مزيد عليه.
وقال إمام الحرمين: قال المحققون: وذكر الخلاف في مسائل الخصائص خبط غير مفيد، فإنه لا تعلق به حكم ناجز، تمس الحاجة إليه، وإنما يجزي الخلاف فيما [لا] [ (?) ] نجد بدا من إثبات حكم فيه، فإن الأقيسة لا مجال لها في ذلك، والأحكام الخاصة تتبع فيها النصوص، ما لم ينقل فيه فالخلاف فيه هجوم على غيب من غير فائدة.
قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح بعد حكاية ذلك: وهذا غريب بلبح، وقال: إنه قد انقضى فلا عمل يتعلق به، وليس فيه من دقيق العلم ما يقع به التدريب، فلا وجه لتضييع الزمان برجم الظنون فيه، وأما الجمهور فإنّهم جوّزوا ذلك لما فيه من العلم.
وقال الثوري: وجه الصواب الجزم بجواز ذلك بل باستحبابه، ولو قيل بوجوبه لم يكن بعيدا أن لم يمنع منه إجماع، لأنه ربما رأى جاهل بعض الخصائص ثابتا في الصحيح فيعمل به أخذا بأصل الناس، فوجب بيانها لتعرف،