فلما فرغ من صلاته قال ابن اليمان: اقعد [ما الخبر؟] ، قلت: يا رسول اللَّه، تفرق الناس عن أبي سفيان، فلم يبق إلا في عصبة يوقد النار، قد صب اللَّه عليه من البرد مثل الّذي صب علينا ولكنا نرجو من اللَّه ما لا يرجو.
وله من طريق عكرمة بن عمار، عن محمد بن عبيد أبي قدامة الحنفي، عن عبد العزيز بن أخي [ (?) ] حذيفة قال: ذكر حذيفة مشاهدهم مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، فقال جلساؤه: أما واللَّه لو كنا شهدنا ذلك، لفعلنا. فقال حذيفة: لا تمنوا ذلك، فلقد رأيتنا ليلة الأحزاب ونحن صافون قعود، أبو سفيان ومن معه من الأحزاب فوقنا، وقريظة اليهود أسفل منا نخافهم علي ذرارينا، وما أتت علينا ليلة قط أشد ظلمة ولا أشد ريحا في أصوات ريحها أمثال الصواعق وهي ظلمة ما يرى أحد منا إصبعه.
فجعل المنافقون يستأذنون النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم ويقولون: إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ [ (?) ] ، فما يستأذنه أحد منهم إلا أذن له فيأذن لهم فيتسللون ونحن ثلاثمائة أو نحو ذلك إذ استقبلنا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم رجلا رجلا حتى مر عليّ وما عليّ جنة من العدو ولا من البرد إلا مرط لامرأتي ما يجاوز ركبتي.
قال: فأتاني وأنا جاث على ركبتي، فقال: من هذا؟ فقلت: حذيفة، فقال: حذيفة؟ فتقاصرت بالأرض، فقلت: بلى يا رسول اللَّه، كراهية أن أقوم، قال: قم، فقمت فقال: إنه كائن في القوم خبر فأتيني [ (?) ] بخبر القوم، قال وأنا من أشد الناس فزعا، وأشدهم قرا، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: اللَّهمّ احفظه من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله، ومن فوقه ومن تحته، قال:
فو اللَّه- ما خلق اللَّه فزعا ولا قرا في جوفي إلا خرج، وما أجد منه شيئا، فلما وليت قال: يا حذيفة لا تحدث [ (?) ] في القوم شيئا حتى تأتيني،
فخرجت حتى إذا دنوت من عسكر القوم في ضوء نار لهم توقد، وإذا رجل أدهم ضخم يقوم بيده