مانع ما وجب عليه، فمن أدى الواجب عليه كله لم يسم بخيلا، وإنما البخيل مانع ما يجب عليه إعطاؤه وبذله.
أن اللَّه تعالى أمر بالصلاة والسلام عليه، والأمر المطلق للتكرار، ولا يمكن أن يقال: التكرار هو في كل وقت، فإن الأوامر المكررة إنما تكرر في أوقات خاصة، أو عند شروط وأسباب تقتضي تكرارها، وليس وقت أولى من وقت، فتكرر الأمر بتكرار ذكر النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم أولى لما تقدم من النصوص، وهاهنا ثلاث مقدمات.
أن الصلاة مأمور بها أمرا مطلقا، وهذه معلومة.
أن الأمر المطلق يقتضي التكرار، وهذا مختلف فيه، فنفاه طائفة، وفرقت طائفة بين الأمر المطلق والمعلق على شرط أو وقت، فأثبت التكرار في المعلق دون المطلق، وهذه الأقوال الثلاثة لأصحابنا، ولأصحاب أحمد وغيرهم يقتضي الوجوب، والنهي يقتضي الفساد، فإن هذا معلوم من خطاب الشارع التكرار، فلا يحمل كلام، وإن كان لا يفرض لصحة المنهي عنه ولا فساده في أصل موضع اللغة، وكذا خطاب الشارع للواحد من الأمة يقتضي معرفة الخاص أن يكون متناولا له ولأمثاله، وإن كان موضوع اللفظ لغة لا يقتضي ذلك، فإن هذه لغة صاحب الشرع، وعرفه في مصادر كلامه، وموارده، وهذا معلوم بالاضطرار عن دينه قبل أن يعلم صحة القياس، واعتباره، وشروطه، وهذا فرق بين اقتضاء اللفظ وعدم اقتضائه لغة، وبين اقتضائه في عرف الشرع وعادة خطابه.
إذا تكرر المأمور به فإنه لا يتكرر إلا بسبب، ولولا الأسباب المقتضية لتكراره ذكر اسمه صلّى اللَّه عليه وسلّم لإخباره برغم أنف من ذكر عنده فلم يصل عليه، والإمحال عليه بالبخل، وإعطائه اسمه، ومما يؤيد ذلك أن اللَّه سبحانه أمر عباده المؤمنين بالصلاة عليه عقب إخباره لهم بأنه وملائكته يصلون عليه لم يكن مرة وانقطعت، بل هي صلاة متكررة، ولهذا ذكرها مبينا بها فضله، وشرفه، وعلو مرتبته، ثم أمر المؤمنين بها، فتكرارها في حقهم أحق وأكثر لأجل الأمر، ولأن اللَّه تعالى أكد السلام بالمصدر الّذي هو التسليم، وهذا يقتضي المبالغة والزيادة في كميته، وذلك بالتكرار، ولأن لفظ المأمور به