عن عليّ- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- من صلاته على عمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- فهذا لا بأس به، وبهذا التفصيل تتفق الأدلة، ويكشف وجه الصواب. واللَّه الموفق.
قال أبو عمر بن عبد البر: وأجمع العلماء على أن الصلاة على النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم فرض على كل مؤمن بقوله عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [ (?) ] ثم اختلفوا في كيفية ذلك وموضعه، فذهب مالك وأبو حنيفة وأصحابهما إلى أن الصلاة على النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم فرض في الجملة بعقد الإيمان، ولا يتعين في الصلاة ولا في وقت من الأوقات، ومن قول بعضهم: أن من صلى على النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم مرة في عمره فقد سقط فرض ذلك عنه، وبقي مندوبا إليه في سائر عمره بمقدار ما يمكنه.
قال كاتبه: وهذا أبو محمد بن حزم قال فيمن يقول: أن هذا القول فرض على كل مسلم أن يقوله مرة في الدهر: فإذا فعل ذلك فقد صلّى على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم كما أمر ثم يستحب له ذلك في الصلاة وغيرها فهو يزيد من الأجر.
قيل: من أين اقتصرتم على وجوب هذا مرة في الدهر ولم توجبوا تكرار ذلك متى ذكر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم؟ قلنا: إن ذلك مرة واحدة واجب، ولا يوجد الاقتصار على أقل من مرة، وأما الزيادة على المرة فنحن نسألكم: كم مرة توجبون ذلك في الدهر؟ أو في الحول؟ أو في الشهر؟ أو في اليوم؟ أو في الساعة؟ ولا يمكن منكم تحديد عدد دون عدد إلا ببرهان، ولا سبيل إليه فقد امتنع هذا بضرورة العقل.