قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: يعنى تعالى بقوله وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ يقول: وأبقينا على نوح ذكرا جميلا وثناء حسنا فيمن يأتى من الناس فيذكرونه به وهو الّذي قلنا في ذلك كما قال أهل التأويل.
فذكر أبو صالح قال: حدثني معاوية بن على عن ابن عباس: وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ قال: يذكر بخير، وعن ابن أبى نجيح عن مجاهد يقول:
جعلنا لسان صدق للأنبياء كلهم، وعن سعيد عن قتادة قال: أبقى اللَّه عليه الثناء الحسن في الآخرين وعن أسباط عن السدي قال: الثناء الحسن وقوله:
سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ يقول: أمتة من اللَّه لنوح في العالمين أن يذكره أحد بسوء وقد كان بعض أهل العربية من أهل الكوفة يقول: معناه وتركنا عليه في الآخرين سلاما أي تركنا عليه تلك الكلمة.
قال الطبري: وتركنا عليه في الآخرين يعنى إبراهيم: يقول: وأبقينا عليه فمن بعده إلى يوم القيامة ثناء حسنا. ثم ذكر عن سعيد عن قتادة قال:
ابقى اللَّه على إبراهيم الثناء الحسن في الآخرين. وعن ابن وهب قال ابن زيد:
هل التي سأل إبراهيم فقال: وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ.
قال: فترك اللَّه عليه الثناء الحسن في الآخرين كما ترك السوء على فرعون وأشياعه كذلك ترك اللسان الصدق والثناء الصالح على هؤلاء. وقيل:
معنى ذلك: وتركنا عليه في الآخرين السلام وهو قوله تعالى: سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ وذلك قول، روى عن ابن عباس وتركنا إسناده لأني في إسناده من لم يستحق ذكره.
وقيل معنى ذلك وتركنا عليه في الآخرين أن يقال: سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ وقوله: سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ يقول تعالى أمتة من اللَّه في الأرض لإبراهيم لا يذكر من بعده إلا بالجميل من الذكر.