ويروى أن أبا سفيان وحكيما وبديلا لما طلعوا مر [الظهران] [ (?) ] عشاء، ورأوا النيران والفساطيط والعسكر راعهم ذلك، فبينا هم كذلك لم يشعروا حتى أخذهم نفر- كان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بعثهم عيونا له- بخطم [ (?) ] أبعرتهم، وأتوا بهم العسكر، فلقيهم عند ذلك العباس فأجارهم.
وأتى بهم العباس ودخل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فقال: يا رسول اللَّه! أبو سفيان، وحكيم بن حزام، وبديل بن ورقاء، قد أجرتهم، وهم يدخلون عليك! فقال:
أدخلهم. فدخلوا عليه، فمكثوا عنده عامة الليل ليستخبرهم، ودعاهم إلى الإسلام، فأسلم حكيم وبديل. وقال أبو سفيان: أشهد أنّ لا إله إلا اللَّه. فقال رسول اللَّه: وأني رسول اللَّه. قال: واللَّه يا محمد، إن في النفس من هذا لشيئا بعد، فارجها [ (?) ] . ثم قال للعباس: قد أجرناهم، اذهب بهم إلى منزلك. فذهب بهم.
فلما أذّن الصبح، أذّن العسكر كلهم، ففزع أبو سفيان من أذانهم وقال:
ما يصنعون؟ أمروا فيّ بشيء؟ قال: لا! ولكنهم قاموا إلى الصلاة! قال أبو سفيان: كم يصلون في اليوم والليلة؟ قال: يصلون خمس صلوات. قال: كثير واللَّه! فلما رآهم أبو سفيان يبتدرون وضوء النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، قال: ما رأيت يا أبا الفضل ملكا كهذا! لا ملك [ (?) ] كسرى ولا ملك بني الأصفر! فقال العباس:
ويحك آمن! قال: أدخلني عليه. فأدخله، فقال: يا محمد! استنصرت إلهي واستنصرت إلهك، فلا واللَّه ما لقيتك من مرّة إلا ظفّرت عليّ، فلو كان إلهي حقا وإلهك مبطلا لقد غلبتك! وشهد أن محمدا رسول اللَّه.