ولما أخذ خالد الراية قال صلّى اللَّه عليه وسلّم: الآن حمي الوطيس [ (?) ] .
ودخل صلّى اللَّه عليه وسلّم على أسماء بنت عميس [ (?) ] امرأة جعفر بن أبي طالب فقال:
يا أسماء أين بنو جعفر؟ فجاءت بهم إليه، فضمهم إليه وشمهم، ثم ذرفت عيناه فبكى، فقالت: أي رسول اللَّه لعلّه بلغك عن جعفر شيء؟ فقال: نعم، قتل اليوم! فقامت تصيح، واجتمع إليها النساء فجعل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يقول: يا أسماء لا تقولي هجرا [ (?) ] ، ولا تضربي صدرا. وخرج حتى دخل على ابنته فاطمة عليها السلام وهو يقول: وا عماه! وقال [ (?) ] . على مثل جعفر فلتبك [ (?) ] الباكية! ثم قال:
اصنعوا لآل جعفر طعاما، فقد شغلوا عن أنفسهم اليوم. وقد روي أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم لما نعى لأسماء جعفرا، مسح على رأس عبد اللَّه بن جعفر، وعيناه تهراقان الدموع حتى لحيته تقطر [ (?) ] ، ثم قال: اللَّهمّ إن جعفرا قد قدّم إليّ أحسن الثواب، فاخلفه [ (?) ] في ذريته بأحسن ما خلفت أحدا من عبادك في ذريته! ثم قال: يا أسماء، ألا أبشّرك؟ قالت: بأبي أنت وأمي! قال: فإن اللَّه جعل لجعفر جناحين يطير بهما في الجنة! قالت: بأبي أنت وأمي يا رسول اللَّه! فأعلم الناس ذلك.
فقام، وأخذ بيد عبد اللَّه بن جعفر، يمسح بيديه رأس عبد اللَّه حتى رقي المنبر، وأجلس عبد اللَّه أمامه على الدرجة السفلى، والحزن يعرف عليه، فتكلم وقال:
إن المرء كثير بأخيه وابن عمه. ألا إن جعفرا قد استشهد، وقد جعل اللَّه له جناحين يطير بهما في الجنة،
ثم نزل، ودخل بيته وأمر بطعام يصنع لآل جعفر، وأرسل إلى أخي عبد اللَّه بن جعفر فتغديا عنده: شعيرا طحنته سلمى خادمه، ثم نسفته [ (?) ] ، ثم أنضجته. وأدمته بزيت، وجعلت عليه فلفلا. وأقاما ثلاثة أيام في