فهيأ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم الزبير بن العوام، وبعثه إلى مصاب القوم، ومعه مائتا رجل، وعقد له لواء. ثم بعث غالب بن عبد اللَّه [الليثي] [ (?) ] على مائتي رجل في صفر سنة ثمان، ومعه أسامة بن زيد وعلبة بن زيد الحارثي، فسار حتى دنا منهم، فبعث الطلائع عليها علبة بن زيد، فأعلموه خبرهم، ثم وافاهم، وحض من معه على الجهاد، وأوصاهم بالتقوى، وحمل بهم على القوم، فقاتلوا ساعة ثم حووا الماشية والنساء وقد قتلوا الرجال.
ومرّ أسامة بن زيد في إثر رجل منهم يقال له: نهيك بن مرداس، حتى دنا منه، فقال: لا إله إلا اللَّه! فقتله، ثم ندم، وأقبل إلى جماعته، فقال له غالب ابن عبد اللَّه: بئس واللَّه ما فعلت! تقتل امرأ يقول: لا إله إلا اللَّه! وساق النّعم والشّاء والسّبي فكانت سهامهم عشرة أبعرة لكل رجل، أو عدلها من الغنم: كل جزور بعشرة. وقدموا المدينة،
فحدّث زيد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بخبره، فقال [صلّى اللَّه عليه وسلّم] [ (?) ] : قتلته يا أسامة، وقد قال: لا إله إلا اللَّه؟ فجعل [أسامة] يقول:
إنما قالها تعوّذا من القتل! فقال [صلّى اللَّه عليه وسلّم] [ (?) ] : أفلا شققت عن قلبه فتعلم أصادق هو أم كاذب؟
فقال أسامة: لا أقتل أحدا يقول لا إله إلا اللَّه أبدا [ (?) ] .
ثم كانت سرية غالب بن عبد اللَّه بن مسعر الليثي أيضا- في رمضان منها إلى الميفعة، ليوقع ببني عوال وبني عبد بن ثعلبة، في مائة وثلاثين رجلا، ومعه يسار مولى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، فاستاقوا نعما وشاء، وقتلوا من أشرف لهم، على ماء يقال له الميفعة بناحية نجد، بعده من المدينة ثمانية برد، وعادوا بالغنيمة.