ابن ساعدة فقال له: قدم الحارث بن سويد إلى باب المسجد فاضرب عنقه بمجذر بن زياد، فإنه قتله يوم أحد فأخذه عويم فقال الحارث: دعني أكلم رسول اللَّه! فأبى عويم عليه، فجابذه يريد كلام رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم، ونهض رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم يريد أن يركب، ودعا بحماره على باب المسجد، فجعل الحارث يقول: قد واللَّه قتلته يا رسول اللَّه، واللَّه ما كان قتلى إياه رجوعا عن الإسلام ولا ارتيابا فيه، ولكن حمية الشيطان وأمر وكلت فيه إلى نفسي، وإني أتوب إلى اللَّه وإلى رسوله مما عملت، وأخرج ديته، وأصوم شهرين متتابعين، وأعتق رقبة، وأطعم ستين مسكينا، إني أتوب إلى اللَّه ورسوله! وجعل يمسك بركاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم، وبنو المجذر حضور لا يقول لهم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم شيئا حتى إذا استوعب كلامه قال: قدمه يا عويم فاضرب عنقه! وركب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم، وقدمه عويم على باب المسجد فضرب عنقه.
ويقال: إن خبيب بن يساف، نظر إليه حين ضرب عنقه فجاء إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلّم فأخبره، فركب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم إليهم يمحص عن هذا الأمر، فبينا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم على حماره، فنزل عليه جبريل فخبره بذلك في مسيره، فأمر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم عويما فضرب عنقه، وقال حسان بن ثابت [للحارث بن سويد ابن الصامت الأنصاري] :
يا حار في سنة من نوم أولكم ... أم كنت ويحك مغترا بجبريل
أم كنت يا ابن زياد حين تقتله ... ذي غرة في فضاء الأرض مجهول
وقلتم لن نرى واللَّه يبصركم ... وفيكم محكم الآيات والقيل
محمد والعزيز اللَّه يخبره ... بما تكنّ سريرات الأقاويل [ (?) ] .