معه، وهو يخشى من قريش الّذي صنعوا، أن يعرضوا له بحرب، أو يصدوه عن البيت، فأبطأ عليه كثير من الأعراب، وخرج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بمن معه من المهاجرين والأنصار، ومن لحق به من العرب، وساق معه الهدى، وأحرم بالعمرة، ليأمن الناس من حربه، وليعلم الناس أنه إنما خرج زائرا لهذا البيت، ومعظما له.
وخرّج البخاري في كتاب الشروط، من حديث عبد الرزاق، قال:
أنبأنا معمر قال: أخبرنى الزهري قال: أخبرنى عروة بن الزبير، عن المسور ابن مخرمة، [ومروان] ، يصدّق كل واحد منهما حديث صاحبه، قالا: خرج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم زمن الحديبيّة، حتى إذا كانوا ببعض الطريق، قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: إن خالد بن الوليد بالغميم، في خيل لقريش طليعة، فخذوا ذات اليمين، فو اللَّه ما شعر بهم خالد، حتى إذا هم بقترة- القترة: غبرة الخيل، ويقال: القتر أيضا- فانطلق يركض نذيرا لقريش.
وسار رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها بركت به راحلته، فقال الناس: حل حل، فألحت، فقالوا: خلأت القصواء، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل، ثم قال: والّذي نفسي بيده، لا يسألوننى خطة يعظمون فيها حرمات اللَّه إلا أعطيتهم إياها،
ثم زجرها فوثبت، قال فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبيّة على ثمد قليل الماء يتربضه الناس تربضا، فلم يلبثه الناس حتى نزحوه، وشكى إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم العطش، فانتزع سهما من كنانته، ثم أمرهم أن يجعلوه فيه، فو اللَّه ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه.
فبينما هم كذلك، إذ
جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه من خزاعة- وكانوا عيبة نصح رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم من أهل تهامة- فقال: إني تركت كعب بن لؤيّ وعامر بن لؤيّ نزلوا أعداد مياه الحديبيّة، ومعهم العوذ المطافيل، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت. فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: إنا لم نجيء لقتال أحد، ولكنا جئنا معتمرين، وإن قريشا قد نهكتهم الحرب وأضرت